by استكتب

Share

by استكتب

Share

ماهو علم النفس؟

هو علم يدرس شيئا خاصا، لا يعثر عليه المرء أبدا في الطبيعة، بل يتعلق بأمر له كيان يستعصي على كل قياس. يوجد في أعماق الإنسان، وفي أعماق الحيوان بشكل محدود كما يرى البعض.

جرى تعريف علم النفس لأول مرة على يد أرسطو. فهذا الفيلسوف الذي ينتمي للقرن الرابع قبل الميلاد، يعتبر أن النفس هي المبدأ الفعال لجسم طبيعي عضوي، ولها وظائف متعددة، كالوظيفة النباتية التي تمنح الحياة للنباتات، والوظيفة الإحساسية لدى الحيوانات، ثم وظيفة التفكير التي ينماز بها الإنسان.

هذا التصور سيفرض نفسه على الفكر الإنساني حتى بدايات القرن السابع عشر، حيث سيقدم ديكارت محاولة للتمييز بين النفس و الجسد من خلال حل مشكلة العلاقات بينهما، وذلك بتصنيف الأهواء النفسية الجسدية إلى ستة عناصر، هي عبارة عن عواطف وإدراكات وانفعالات، تنتقل عبر الغدة الصنوبرية في المخ، والتي تمثل برأيه جسرا بين النفس و الجسد.

لم تصمد الدراسات النفسية لديكارت لوقت طويل، إذ شهد القرن الثامن عشر محاولة أكثر نسقية للبحث في أفكار الإنسان ومشاعره، قادها القس الفرنسي إتيان دي كوندياك، متأثرا بالتصور الجديد للعالم والقائم على ثنائية الإنسان/الطبيعة.

اعتبر كوندياك أن الإدراك الحسي للأشياء هو أول خطوة للمعرفة. وأن النفس الإنسانية تُكتسب بشكل تدريجي من خلال الاحتكاك بالعالم الخارجي؛ بمعنى أن علاقتنا مع العالم هي التي تفسر قدرات شديدة التعقيد، كالإرادة و الإدراك.

كان الاستبطان هو الممارسة المعتمدة للبحث في الذات واستكشافها. وبالنسبة ل مين دي بيران، فإن الاستبطان مقرون بالمعطى الباطني لا بملاحظة الواقع الخارجي. و اكتساب الوعي يتحقق ببذل المجهود، لأن الذات لا تعي وجودها إلا حين تواجه مقاومة ما. هكذا يضع دي بيران مقولة مجاوزة لديكارت، فعوض مقولة ” أنا أفكر إذن أنا موجود”، يفضل دي بيران ” أنا أبذل مجهودا إذن أنا موجود”.

على يد جون واطسون ستظهر السيكولوجيا العلمية التي اتخذت موقفا نقديا صارما إزاء الاستبطان. واعتبرت أن كل تأمل فكري وتصور ميتافيزيقي للنفس و الشعور يعتبر غير علمي. وبالتالي فالسيكولوجيا ينبغي أن تستند إلى الملاحظة العلمية، وآلات القياس الدقيقة. وبحسب هذه المدرسة فالإنسان ليس كامنا فيما يسمى “الروح” بل في جهازه العضوي الذي يلخص تاريخه. يقول واطسون في مقال له صدر بالمجلة الأمريكية “سيكولوجيا” سنة 1913( إن المدرسة السلوكية تعتبر أن الملاحظة الخارجية لردود أفعال جهاز عضوي، أي لسلوكه، هي وحدها الكفيلة بالتوصل إلى قوانين تمكن من توقع ما ستكون عليه ردود أفعاله عند حدوث تغير ما في الوسط الذي يعيش فيه).

مع مصطلحي “المثير و”الاستجابة” سيصبح علم النفس علما للسلوك، لا يختلف في منهجيته الصارمة عن الفيزياء والرياضيات. فالمثير هو كل حركة قادرة على توليد استجابة من طرف الجهاز العضوي، والاستجابة هي كل رد فعل أحدثه المثير. فلا مجال في السلوكية للحديث عن الغريزة مثلا مادام التعلم و التدريب القائم على تلك الثنائية هو ما يمكن بنيتنا الوراثية من التعبير عن نفسها.

في نهاية القرن التاسع عشر تطورت العلوم بشكل مثير، وجعلت من الإنسان موضوعا لها، وأخضعته لمقدرتها التحليلية، فتوصلت من خلال الملاحظة إلى أن في شخصية الإنسان مناطق مجهولة، لها آثار تدل على حضورها رغم أن البحث المباشر لم يكشفها. هكذا سيتبلور اتجاه سلوكي يهتم بمجموع العلاقات الإنسانية من خلال استكشاف نفسية كل فرد، وهو ما أصبح يعرف لاحقا ب”التحليل النفسي”.

تقوم نظرية الطبيب النمساوي سيغموند فرويد على أساس الغرائز. وتعتبر أن الاستجابة لا تخضع فقط لمثير خارجي، بل هناك أيضا مثيرات داخلية لها خصائصها. فالمثير الداخلي قوة لها استمرارية ولا يمكن تفاديها أو إلغاؤها إلا عن طريق الإشباع، كما هو الشأن بالنسبة للطاقة الجنسية. وسيميز فرويد لاحقا بين نوعين من الغرائز، فيما اصطلح عليه بالنظرية الأولى في الدوافع التي بلورها بين عامي 1910 و1915، وهما: الغرائز الجنسية وغرائز الأنا.

اصبح اللاشعور بفضل فرويد، مفهوما مركزيا في الدراسات النفسية خلال مطلع القرن العشرين. ويقصد به “كل سيرورة نفسية تبرهن لنا تجلياتها على وجودها. لكننا فيما سوى ذلك، نجهل عنها كل شيء، رغم أنها تجري في دواخلنا.

لاحقا سيقدم فرويد نظريته الثانية في الجهاز النفسي، والتي حدد من خلالها الحدود بين الشعور واللاشعور، وما سماه “ما قبل الشعور”.  وهكذا ستظهر المفردات الثلاث التي صارت أيقونة التحليل النفسي : الأنا، الهو، و الأنا الأعلى.

يرتبط “الأنا” بالشعور، وهو المسؤول عن مقاومة المحلل النفسي حين يحاول استكشاف الدوافع المكبوتة. أما “الهو” فهو اللاشعور الرئيسي وخزان الدوافع. ولا يوجد انفصال بينهما، بل إن التمازج الحاصل بين الأنا و الهو على مستوى السطح هو ما يشكل جهاز الإدراك.

أما الأنا الأعلى فيلعب دورا شبيها بالقاضي أو الرقيب، إذ يمثل المعايير والقيم الأخلاقية والاجتماعية التي تسبب عادة الشعور بالذنب.

يتضح مما سبق أن المساحة التي يتحرك داخلها علم النفس، تهم أنواع النشاط والسلوك الإنساني، مثل الإدراك، والدوافع، والانفعالات، والشخصية، والتذكر، والنسيان، أي كل المبادئ والقوانين التي تحكم السلوك الإنساني. وبتنسيق هذه الحقائق و القوانين في نظام معرفي منسجم يمكن تعريف علم النفس بأنه: الدراسة العلمية لسلوك الإنساني وتوافقه مع بيئته.

معلومات عن علم النفس

يكشف السياق التاريخي لتطور الدراسات النفسية أن علم النفس يهتم إذن ب:

– ما يصدر عن الإنسان من سلوك حركي أو لفظي، كالهرب، والابتسام، والمشي، والكتابة …

– ما يصدر عنه من نشاط عقلي، كالإدراك، والتعلم، والتذكر، والتخيل، والابتكار…

– ما يصدر عنه من انفعالات، كالخوف، والغضب، والارتياح، والألم، واللذة…

هكذا يصبح موضوع علم النفس ثلاثي الأبعاد: السلوك الحركي، والنشاط الذهني-العقلي، والنشاط الانفعالي-الوجداني.


ومن ميزات خدمات استكتب امكانية توفير مقالات عن علم النفس ،يمكنك الحصول عليها من خلال الضغط على الرابط كتابة مقالات عن علم النفس

 

حقوق الصورة

STAY IN THE LOOP

Subscribe to our free newsletter.

Don’t have an account yet? Get started with a 12-day free trial

Leave A Comment

Related Posts