المجتمع الوظيفي وأركانه

أصبح المجتمع الوظيفي اليوم أحد الركائز الأساسية في مجال التطور المهني والنشاط الوظيفي. يوليه أرباب الشركات و المقاولات عناية خاصة، ويعتبرونه مدخلا لتشجيع التواصل العملي بين الموظفين، وإعادة ترتيب بيئة العمل وفق قيم مرجعية تحتكم إليها المؤسسات في تطوير قدرات الموظفين، وتشريع وتيرة تبادل المعرفة بما يتناسب مع طبيعة العصر.

ينبني المجتمع الوظيفي على نوع النسيج الإداري، وطبيعة سياسته في مجال القيادة و الإدارة، والاستقلال والتبعية. وتتحكم تلك العناصر في سلوكيات الأفراد داخله مما ينعكس بشكل إيجابي أو سلبي على العطاء الوظيفي.

أهم عناصر المجتمع الوظيفي هو فريق العمل، أي مجموع الأفراد الذي يتميزون بالمهارات المتكاملة فيما بينهم. وبالتنسيق بين المهام انسجاما مع الهدف المشترك.

أهم 5 مراحل لإدارة فريق العمل

وتمر إدارة فريق العمل من عدة مراحل أهمها :

  1.  مرحلة التكوين: تتسم غالبا بالمجاملة بين أعضاء الفريق لكونهم غرباء عن بعضهم البعض، ويكون التعامل رسميا.
  2.  مرحلة التصارع: تبدأ بالاختلاف في وجهات النظر، ويكون دور القائد هو التقريب بينها، وعدم السماح للبعض بفرض رأيهم على حساب المجموعة.
  3.  مرحلة التعايش: يتأقلم أعضاء الفريق مع روح المجموعة، وتتضح الأهداف المرسومة.
  4.  مرحلة التنفيذ: يلتزم كل عضو بدوره ومنصبه، ويصبح المناخ الجماعي مبنيا على الألفة وتغليب الهدف المشترك.
  5. مرحلة تسليم العمل: يتم خلالها الانتهاء من العمل ورفع التقارير.

ومهما كانت طبيعة فريق العمل و الوظائف التي يشغلها، فهو حاجة إلى مهارات أساسية تؤهله لتحقيق المجتمع الوظيفي السليم، منها: التنظيم، والتوجيه، والرقابة، وروح الفريق، والتعاون.

الثقافة الوظيفية و المجتمع الوظيفي

 الثقافة الوظيفية هي إحدى السمات المميزة للمجتمع الوظيفي. إنها مجموع المعارف والمبادئ والقيم التي تؤطر كل مهمة داخل المنظمة، ويحسن بكل موظف ومسؤول أن يطلع عليها، ويطبقها واقعا حيا في عمله.

 وأهم طرق تنميتها: التعلم الذاتي، والبحوث التطبيقية، وإنترنيت الأشياء، والقراءة المتصلة بعالم البرمجة والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات. وهو الشيء الذي يعزز ثقافة الموظف ويزيد من إنتاجيته. وكل تقصير في تنمية تلك المهارات يؤدي إلى استمرار الأمية الوظيفية، وظهور نقص يؤثر على الإنتاج.

التحديات التي تواجه المجتمع الوظيفي

ومن بين التحديات التي تواجه المجتمع الوظيفي وتؤثر على مساره وإنتاجيته، هي تحقيق التوازن بين القيادة والإدارة. فكل من القائد والمدير يجب أن يشكلا فريقا موحدا. يمتلك القائد رؤية عظيمة، ويعمل المدير على تحقيقها من داخل منظومة القواعد والقوانين.

إن المجتمع الوظيفي الناجح هو الذي يمزج بين المهارتين القيادية والإدارية بشكل يتوافق مع بيئة العمل وطبيعة الموظفين داخلها. وكلما كان الموظف على وعي برؤية ورسالة المنظمة، سيتمكن من التوفيق بين الابتكار المطلوب والمسؤولية المهنية. وبالتالي فتحقيق الأداء الأفضل رهين بالاستخدام المتوازن للمهارات القيادية والإدارية.

إن سير المنظمة بالاعتماد على قادة فقط أشبه بمن يحاول السيطرة على قطيع من الأسود، كما أن الاعتماد على الإداريين فقط يعني إنجاز مهام عديدة دون بلوغ التطور المنشود.

سمات المجتمع الوظيفي

المجتمع الوظيفي هو مجتمع الحوافز، والسلوك الإيجابي، وإرساء نمط علاقات يعزز المناخ التنظيمي السليم. فاتباع نظام فعال للحوافز المادية والمعنوية يؤدي إلى إنتاجية في أعلى مستوياتها حين يرتبط الحافز بمعدلات الأداء،  فتتعمق الثقة والولاء والانتماء في نفوس العاملين داخل المنظمة. وتتراجع السلوكيات السلبية والصراعات الداخلية.

ومن سمات المجتمع الوظيفي كذلك أنه رشيق؛ يُطور نفسه بسرعة ومرونة تجاوبا مع تغيرات السوق، ومع القدرة التنافسية والاستجابة للتحديات الخارجية. فالمؤسسة الرشيقة، تقول ليندا هولبيش، هي المؤسسة التي تزدهر في الأوقات غير المستقرة والمتقلبة.

أهم عناصر الرشاقة المؤسسية 

  •  الابتكار: أي القدرة على توليد واستخدام الأفكار والمنهجيات الجديدة.
  •  الرؤية الاستشرافية: أي القدرة على التعرف على التوجهات المستقبلية، وإدراك أبعادها وآثارها.
  •  التميز: أي التفرد في تقديم الخدمات التي تفوق التوقعات، واستدامة النتائج المتميزة بفضل قيادة تتحلى بالنزاهة و الرشاقة.
  •  المرونة والتكيف: أي القدرة على تلبية الاحتياجات المتغيرة، والتعامل مع حالة الغموض بفاعلية.
  •  التعاون: أي الاستفادة من المعرفة و الموارد الداخلية والخارجية لبناء الشراكات.
  •  السرعة: أي التجاوب مع الإيقاع اللازم للظروف المستجدة، وإدارة التغيير.
  •  المهارات الاجتماعية : وهي احدى السمات الأخرى للمجتمع الوظيفي التي أصبحت مكملا حيويا للمهام الوظيفية، ومدخلا لتحسين بيئة العمل. فالموظف عموما لا يحتاج لأكثر من %60 من مهاراته لأداء وظيفته، لكنه لن بالسعادة المهنية والرضا الوظيفي إلا حين يُكمل %40 من خلال المهارات الناعمة التي تبدد الاحتقان والخوف من التغيير. ومن بينها: مهارات الاتصال والتواصل، والحضور والتأثير، وعرض الأفكار والإقناع، والمرونة، والصبر، وحل المشكلات، وإدارة الذات، وبناء العلاقات مع الآخرين.

يقوم المجتمع الوظيفي على بلوغ التكامل بين ثلاثة أركان حيوية

  1. المهارات الصلبة : وهي ما يحتاجه العامل من مهارات تخصصية وتقنية لأداء دوره الوظيفي داخل المنظمة .
  2. المعرفة: وترتبط بالمستوى الأكاديمي والمؤهلات الثقافية والخبرات العلمية التي يتمتع بها العامل.
  3. المهارات الناعمة: وتحيل على المهارات الشخصية التي تؤثر بشكل كبير في نجاح العامل سواء في عمله أو في علاقاته مع باقي مكونات البيئة الوظيفية.

 


حقوق الصورة