شهد شهر رمضان  على مر العصور كثير من  الأحداث التي كان لها تأثير على التاريخ الإسلامي، سنتحدث في هذا المقال عن بعض من أبرز الأحداث التاريخية  التي جرت خلال شهر رمضان المبارك مع التسجيلات الصوتية

حدث في رمضان

1.نزول القرآن

من أهم ما يميزُ شهرَ رمضان أنه الشهرُ الذي اختصه اللهُ تعالى بنزولِ القرآنِ فيه، مِصداقًا لقولِه سبحانَه ( شهُر رمضانَ الذي أُنزلَ فيهِ القرآنُ هدىً للناسِ وبيناتٍ منَ الهُدى والفُرقان) البقرة-185.

قال المفسرون: إن القرآنَ الكريمَ أُنزلَ جُملةً واحدةً إلى بيتِ العِزة من السماءِ الدنيا، وذلكَ في ليلةِ القدر، ثم نزَلَ مُنَجَّما_ أي مُفَرَّقا – بحسب الوقائعِ والأحداثِ.

ففي هذا الشهرِ نزلَ أمينُ الوحيِ جبريلُ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتحنثُ – أي يتعبدُ – في غارِ حِراء، فبلّغه الرسالةَ في الحادثةِ الشهيرةِ التي تضمنتْ مطلعَ سورةِ العلق؛ ” اقرأ باسم ربك الذي خلق”، ثم انقطع الوحيُ فترةً ليتهيأ النبيُ الكريمُ لنزولِه مرةً أخرى.

فلما أتمّ النبيُ شهرَ رمضانَ مُتحنثًا بالغارِ، نزلَ أمينُ الوحيِ جبريلُ بالآياتِ الأولىَ من سورةِ المُدثر التي أعلنتْ للعالمِ بِدْءَ الرسالةِ الخالدةِ؛ لتُخرِج الناس من الظُلماتِ إلى النور.

ويُروى عن جابرٍ بنِ عبدِ الله أنه سمعَ النبي صلى الله عليه وسلم يُحَدثُ عن فترةِ الوحيِ فقال في حديثِه:” فبينما أنا أمشي إذ سمعتُ صوتا من السماءِ، فرفعْتُ بصَري قِبَلَ السماءِ، فإذا المَلَكُ الذي جاءنِي بحِراء قاعدٌ على كرسيٍ بين السماءِ والأرضِ فَجُئِثْتُ منه (أي خفت منه) حتى هويتُ إلى الأرض، فجئتُ إلى أهلي فقلت: زَملُونِي زملوني، فزَملوني، فأنزل: “يا أيها المُدَثر قُم فأنذرْ…” الآيات، ” ثم حَمِيَ الوحيُ وتَتابع”. أخرجه البخاري ومسلم.

التسجيل الصوتي

 

2.فتح مكة

رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.

ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان  في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.

فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم ” ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟” قالوا: “خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ”، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:” اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: “لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ”.

وعلَى إِثرِ هَذا الموقِفِ العظيمِ دخَل كثيرٌ من أهلِ مكةَ في الإسلامِ، فكانَ هذا الخيرُ كلُهُ هو الفتحُ المُبينُ الذي ذكَرهُ الحقُ تباركَ وتعالَى بقولِه: “إنَا فتحنَا لكَ فتحاً مُبينًا”. الفتح/1

التسجيل الصوتي

 

3.وفاة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها

أمُّ المؤمنينَ عائشةَ بنتِ أبي بكرٍ الصديقِ، زوجُ الرسولِ صلى الله عليه سلم، وابنةُ صاحِبه ورفيقِه في الدعوة والهجرةِ، وأولُ الخلفاءِ الراشدينَ. كانتْ من أفقهِ الناسِ، ومرجعاً أساسياً للفتوَى، حيثُ روَى عنها ما يقاربُ ثلاثمئةِ صحابي وتابِعي.

كيف لا، وهي التي بدأت حياتَها منذُ سنواتِ شبابِها الباكِرِ في صُحبةِ النبي صلى الله عليه وسلم زوجةً لهُ، ورفيقَةَ جهادٍ، تسمعُ منه، وتسألُه، وتحاوِرُه، وتستقِي من مَعِينِه الفَياضِ علماً خالصاً وفقهاً نقياً من أيةِ شائبةٍ.

قال الإمام الزُهري: لو جُمعَ علمُ عائشةَ إلى علمِ جميعِ أزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمِ جميع النساءِ لكان علمُ عائشةَ أفضل.

وقال هشام بن عُروة: ما رأيت أحدا أعلمَ بفِقهٍ ولا بِطبٍ ولا بِشعرٍ من عائشةَ.

ورُوي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: “كمُلَ من الرجالِ كثيرٌ، ولم يكمُل من النساءِ إلا مريمُ بنت عِمرانَ، وآسيةُ امرأة فرعونَ، وفضلُ عائشةَ على النساءِ كفضلِ الثريدِ على سائر الطعامِ”. رواه البخاري.

توفيتْ – رضي الله عنها – في السادسةِ والستينَ من عُمرها، ليلةَ السابعِ عشر من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين للهجرة، ودُفنت بالبقيع مع سائرِ أمهاتِ المؤمنينَ، بحسبِ وصيتها لابن أختِها عبدِ الله بن الزُبير، كما روى البخاري.

التسجيل الصوتي

 

4. فتح أنطاكية

مدينةُ أنطاكيةَ منْ مدنِ الشامِ التي فتحها المسلمونَ عقِبَ معركةِ اليرموكِ بقيادةِ أبي عبيدةَ بنِ الجراحِ في عهدِ الخليفةِ الراشدِ عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهَ عنهُ. وظلتْ تحتَ إمرةِ المسلمينَ حتى سنةِ 491هـ، حيثُ بدأتِ الحملاتُ الصليبيةُ على بلادِ المسلمينَ وسقطتْ أنطاكيةُ في أيدي الصليبيينَ نظرًا لأهميتهَا الاستراتيجيةِ، ولأنها كانتْ مقرَ مملكةِ هرقلَ أيامَ الفتحِ الإسلامي للشامْ، وحَوّلَ الصليبيونَ المساجدَ فيها إلى كنائسَ؛ ليُزيلوا أيَ أثرٍ أو مَعْلَمٍ إسلاميٍ فيها، وبنوْا حولهاَ سوراً مزودًا بأبراجِ مراقبةٍ لحراستِها وزيادةِ تحصينهَا؛ كي ينطلقُوا منها لاحقاً إلى البلادِ الإسلاميةِ الأخرَى.

ظلتْ مدينة أنطاكيةُ في أيدي الصليبيينَ على هذا الحالِ قُرابةَ مائةٍ وسبعينَ عاماً، إلى أن أرادَ اللهُ تعالى بالمسلمينَ خيراً، فأخذَ الظاهرُ بِيبَرْسْ على عاتِقهِ مُهمةَ تخليصِ البلادِ الإسلاميةِ من أيدِي مُغتصبيهَا، وجَهزَ جيشًا جراراً قسَّمهُ إلى ثلاثِ فرقٍ، إحداها لعزلِ أنطاكيةَ عن البحرِ، والثانيةُ لقطعِ طريقِ الإمداداتِ من أرمينياَ الُصغرَى، وقادَ بنفسِه الفرقةَ الثالثةَ متوجهًا بها إلى أنطاكيةَ. وفي الأولِ من شهرِ رمضانَ سنة 666هـ ضربَ حولهَا حصاراً مُحكمًا، وتمكّنَ عساكرُ المسلمينَ من تسلُّقِ أسوارِها بعد أن رفضَ الصليبيونَ تسلِيمَها، وفي الرابعِ عشَرَ منْ شَهْرِ رمَضانَ فتحَ المسلمونَ أنطاكيةَ دونَ مُقاومةٍ تُذكَر، وغَنِمَ المسلمونَ منَ الصليبيينَ أموالاً طائلةً، كمَا حررُوا الأسرىَ المسلمينَ المُحتجَزينَ فيِها.

وبذلكَ شكّلَ فتْحُ أنطاكيةَ واستعادتُهَا تحتَ رايةِ الإسلامِ والمسلمينَ أعظمَ نصرٍ لهُم علىَ الصليبيينَ بعدَ معركةِ حِطّين.

التسجيل الصوتي 

5.يوم الفرقان

قال تعالى: ” ولقد نصركمُ اللهُ ببدرٍ وأنتمُ أذلة” آل عمران/123

وقال:” واعلموا أن ما غنِمتم مِن شيء….” إلى قوله: “إن كنتمْ آمنتمْ باللهِ وما أنزلنَا على عبدِنا يومَ الفُرقان يومَ التقى الجمعان…” الأنفال/ 41

غزوةُ بدرٍ، أو يومُ الفرقانِ كما وصفها اللهُ تعالى في مُحكمِ التنزيلِ، هي إحدى أبرزِ محطاتِ المواجهةِ بين المسلمينَ والمشركين.

ففي يوم الجمعة، السابعِ عشر من  شهرِ رمضانَ من السنةِ الثانية للهجرةِ، أمرَ الرسول صلى الله عليه وسلم نفرًا من أصحابِه أن يعترضوا قافلةً تجاريةً للمشركينَ يقودها أبو سفيان، وذلك رداً على استيلاءِ المشركين في مكةَ على أملاكِ المهاجرينَ وتجارتِهم، غير أن أبا سفيانَ أفلتَ من قبضةِ المسلمينَ، وطلبَ النجدةَ من قريشٍ التي أرادتِ استعادةَ هيبتِها والقضاءَ على الدعوةِ المحمدية، فجهزتْ جيشًا يتراوحُ عددُه ما بين تسعمائةِ وألفِ رجل مجهزينَ بكاملِ عُدةِ الحربِ وآلاتِها يقودُهم عُتبة بن ربيعة، وكان عددُ المسلمينَ ثلاثمائةٍ وبضعةَ عشرَ رجلاً.

يوم الفرقان

وحدثتِ المواجهةُ بين الفريقينِ، لينجزَ الله تعالى وعدَهُ بنصرِ المؤمنينَ، وإذلالِ المشركينَ وكسرِ شوْكتِهمْ، على الرغم من التفاوتِ الظاهرِ بين العَددِ والعُدَّة في كلٍ من الجيشين، ولقيَ أكثرُ من سبعينَ منهُم مصرَعهم، ومنهم أبو جهلٍ، وأميةُ بن خَلَف، كما وقع مثلُ ذلكَ العددِ أسرى في أيدي المسلمين.

وسمى الله تعالى ذلك اليومَ يومَ الفرقانِ؛ لأنه سبحانهُ فَرَّق فيه بين الحقِ والباطلِ؛ فأعلَى فيهِ كلمةَ الإيمانِ، وأظهرَ دينَه، ونصرَ نبيهُ وحزبَهُ.

التسجيل الصوتي

 

6.حصار النفط

لما كانتِ المواجهةُ مُندلعةً بين الجبهةِ المصريةِ والسوريةِ ضدَ إسرائيلَ في حربِ أكتوبر الشهيرةِ عام 1973م، اتخذتِ الدولُ العربيةُ المصَدِّرةُ للنفطِ قراراً تاريخياً بمساندةِ الأشقاءِ، ووقْفِ تصديرِ النفطِ إلى الدولِ التي كانت تساندُ إسرائيل، وفي مقدمتِها الولاياتُ المتحدةُ وهولندا، ليَمتدَّ لاحقًا إلى البرتغال وجنوب إفريقيا،  وكان هذا القرارُ من الدلائلِ القويةِ على أن الأمةَ العربيةَ- متى توحدتْ إرادتُها- تملكُ من الأسلحةِ الفعالةِ ما يكفُلُ لها استردادَ حقوقِها، والدفاعَ عن مصالحها ووحدةِ أراضيها.

التسجيل الصوتي

 

7.معركة بيروت

فيِ شهرِ رمضانَ من سنة 1403هـ أقدمتِ القواتُ الإسرائيليةُ على قصفِ الأراضي اللبنانيةِ؛ سعياً لتدميرِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ، ومنحتْ إدارةُ الرئيسِ الأمريكيِ رونالد ريغان غِطاءً سياسياً لإسرائيلَ باعتبارِ أن ما تقومُ به هو تحقيقُ أمنِها والدفاعُ عن نفسِها، بعد انهيارِ وقْفِ إطلاقِ النارِ الذي ترعاهُ الأممُ المتحدةُ.

وعلى الرغمِ منَ الهجومِ الذي استمرَّ عدةَ أسابيعَ، وقطْعِ إمداداتِ الكهرباءِ والغذاءِ والماءِ، لم تنجحْ إسرائيلُ في تحقيقِ أهدافِها الكبرى، باستثناءِ إخراجِ منظمةِ التحريرِ من لبنانْ، ووقْفِ الهجماتِ الصاروخيةِ عليهَا. وبلغَ عددُ الخسائرِ من الأرواحِ حوالي ثمانيةَ عشرَ ألفاً بحسبِ الإحصاءِ الذي قدرتهُ صحيفةُ النهارِ اللبنانيةُ. وبعد أن وافقتْ سوريا على اتفاقيةِ سلامٍ تمَّ إخراجُ المقاتلينَ الفلسطينيينَ تحت رعايةٍ دوليةٍ، والاعترافُ بوجودِ إسرائيلَ في القمةِ الطارئةِ لمجلسِ الجامعةِ العربيةِ بفاسْ في المغربِ في سبتمبر 1982م .

التسجيل الصوتي

للاستماع للحلقات على أبل بودكاست يمكنك الضغط هنا ( مبادرة خفيفة )

 (( خفيفة- مبادرة المحتوى السهل، برعاية استكتب، وسونديلز)).