بدأت فكرة العمل عن بعد telework في الولايات المتحدة لحل مشكلة المواصلات، والإرهاق الناتج عن ساعات طويلة يقضيها العمال للعودة إلى بيوتهم أو الذهاب لمقر العمل.

وكانت شركات الإعلانات هي السباقة لهذه التجربة من خلال تكليف العاملين في منازلهم بتعبئة أظرفة البريد، أو كتابة العناوين على الإعلانات والكتالوجات. وبذلك استطاعت خفض مصاريف العمالة، وتكاليف المكاتب والمخازن.

ومع تقدم تقنيات الاتصال انتشر تسويق البضائع والخدمات عبر الهاتف telemarketing. فكل ما يحتاجه العامل هو هاتف وقائمة تزوده بها الشركة للزبائن المحتمل نجاح مهمة البيع معهم. وانتقلت التجربة إلى الوظائف الرسمية من خلال نظام ساعات العمل المرنة flex hours، والذي يسمح للموظف باختيار ساعة بداية العمل و الانتهاء منه تفاديا لمشكل ساعة الذروة المرورية. 

مجالات مطلوبة للعمل عن بعد

أثبتت التجربة فعالية العمل عن بعد، من حيث الإنتاج و الإخلاص في العمل. فبدأت موجة من الوظائف تعتمد هذا النظام في مجالات مختلفة.

1- الكتابة والتحرير

مع ازدياد الطلب على المحتوى أصبحت الكتابة والتحرير المستقل للمحتوى الرقمي من الوظائف الحيوية التي لا غنى عنها. وأهم الشروط المطلوبة هي إتقان قواعد اللغة، والتمكن من مهارة الصياغة التسويقية والإبداعية، ثم توظيف بعض الإضافات التقنية التي تميز المحتوى الرقمي عن الكتابة العادية، كالوسوم، والكلمات المفتاحية.

بالنسبة للمقابل المادي فيعتمد تحديده على خبرة الكاتب ومدى تخصصه في مجال معين، وحجم المقال، ومدى قوة الأفكار، وجودة الصياغة، بالإضافة إلى طبيعة شروط الموقع وتسعيرته.

2- التصميم 

فن التصميم هو العصا السحرية التي تراهن عليها للشركات ومواقع الانترنيت لبناء هوية وعلامة تجارية تحقق النجاح وارتفاع الإيرادات. وحسب دراسة قامت بها شركة “أدوبي” فإن حوالي %60 من المؤسسات التي اهتمت بالتصميم الإبداعي حققت زيادة في الإيرادات بنسبة %10، وهو ما يجعل من وظيفة التصميم عن بعد موردا ماليا مهما، يتناسب طبعا مع خبرة المصمم ومهارته. تصل الأرباح إلى 20 دولارا للساعة، لكن ينصح الخبراء في هذا المجال أن ينشئ المصمم  حزم تصميم جرافيكي بسعر ثابت.

3- الترجمة

تنوعت أبعاد الترجمة في ظل التطور التكنولوجي الحاصل، فلم تعد تقتصر على ترجمة النصوص، بل تشمل اليوم ترجمة أدلة الاستخدام، والبرمجيات، والموارد الرقمية المتنوعة، إضافة إلى الترجمة الفورية.

بالنسبة لتكلفة الترجمة عن بعد فهي رهينة بالجودة العالية، ومجال الموضوع الذي تتم ترجمته، والمزيج اللغوي المعتمد، ثم عدد كلمات النص الأصلي. فعلى سبيل المثال تتراوح أسعار ترجمة 250 كلمة من الإنجليزية إلى العربية ما بين 2,50 و 11,50 دولارا، حسب نوع التخصص.

4- التدقيق اللغوي

تنبيه الآخرين لأخطائهم الإملائية، والمسح البصري للمحتوى بحثا عن الهفوات هي إحدى الوظائف التي تتزايد الحاجة إليها على شبكة الانترنيت. وعلى المدقق اللغوي أن يتميز بملكة الصبر، والثقافة الواسعة في المجالات التي يقوم بالتدقيق فيها. ويُفضل أن يتخصص في مجال واحد. أما بالنسبة للأرباح فهي تختلف حسب المواقع وخبرة المدقق، لكن في المتوسط يتم تحديد سعر الصفحة الواحدة بحوالي دولارين.

5- البرمجة

هي إحدى أفضل مجالات العمل عن بعد، في زمن تخيم فيه التقنية على كل مجالات النشاط الإنساني.

فكل الوظائف اليوم أصبحت بحاجة للتطوير البرمجي،أو تطوير المواقع ، أو واجهات الاستخدام، أو التطبيقات أو غيرها.

الربح من البرمجة قد يكون من خلال بيع برمجياتك بالتقسيط ، أو صناعة المحتوى، أو ببساطة عن طريق العمل عن بعد مع الشركات.

6- خدمة العملاء

الهدف من وظيفة خدمة العملاء هو تقديم المساعدة و المعلومات الضرورية عند استخدام منتج أو خدمة، لتعزيز رضا العملاء. وهي وظيفة يمكن القيام بها عند بعد، عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني…

سجلت الولايات المتحدة قفزة هائلة في هذا المجال حيث تجاوز عدد العاملين عن بعد نسبة %115 بفضل اهتمام الاقتصاد العالمي بهذا النمط من الأداء. لكنها وظيفة تحتاج إلى حماس وحيوية دائمين، وكفاءة في بناء مجتمعك الخاص عبر مواقع التواصل يتميز بالثقة و التواصل الفعال، وتطابق أولوياتك مع الشركة التي تمثلها.

7- التسويق الإلكتروني

اصبح التسويق الإلكتروني للخدمات والسلع أحد الاهتمامات الأساسية للشركات والمقاولات لناشئة بمختلف أنواعها. فهو فضاء لعملاء ومستهلكين جدد، ولأسواق تتخطى الحدود، بفضل سعرته وقدرته على الانتشار.

من أكثر المجالات التي تحقق لك أرباحا في هذه الوظيفة: التسويق بالعمولة، وتسويق عروض CPA، أي الأرباح من خلال حركة معينة،

والإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

8- الدعم التقني 

من الخبرات المطلوبة بسبب الحاجة المستمرة للدعم الفني، خاصة إن كنت تتمتع بخبرة عالية في البرامج والمعدات. رغم أن الصيانة العامة للأعطال تتطلب العمل الحضوري، إلا أن هناك تجارب تؤكد نجاح العمل عن بعد، كما هو الشأن بالنسبة لشركةGlassdoor  الأمريكية التي تقدر متوسط أجر العاملين في الدعم الفني عن بعد بما يقارب 36 ألف دولار.

9- التدريس 

أصبح التدريس عن بعد مرتبطا بامتلاك خبرة في مجال معين. يتيح الانترنيت اليوم فرصا متزايدة للربح عبر إنشاء فيديوهات تعليمية قابلة للشراء، أو التدريس عبر منصات متخصصة ك Preply التي تدفع مقابلا ماديا لكل ساعة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، أو DADA المتخصصة في تعليم اللغة الإنجليزية، والتي تدفع 20 دولارا لكل ساعة تدريس.

10- التعليق الصوتي

التمتع بخامة صوت ومخارج حروف جيدة يمكنه اليم أن يُحدث فرقا في وضعك المادي، ويتيح لك بالتدريب المستمر أن تحصل على وظيفة التعليق الصوتي في الإعلانات، أو الكتب الصوتية، أو الوثائقيات و الرسوم المتحركة وغيرها.

يمكن البدء بتعلم التعليق الصوتي من خلال دورات مجانية عبر الانترنيت، ثم إنشاء قناة يوتيوب، أو ملف تعريفي على منصة سونديلز، وتحقيق متوسط ربح يصل إلى 7500 دولار.

11- صناعة الرسوم المتحركة

إحدى الوظائف الممتعة التي قد تبدو مهمة صعبة، لكن يمكن التدرب عليها بفضل التطبيقات المتاحة على الانترنيت. ويتخصص صانع الرسوم المتحركة في مجالات عديدة لعل أهمها : الإعلانات التجارية وألعاب الفيديو. ويبلغ صافي الأرباح حسب تقديرات العاملين في هذا المجال لحوالي 70 ألف دولار.

12- الأمن السيبراني

في ظل قرصنة مستمرة للبيانات الشخصية والمالية، وتهديد المنصات الرقمية ومواقع المؤسسات والشركات، أصبحت حماية البيانات، والبحث عن الثغرات في النظم الأمنية من المهام التي تجعل من وظيفة خبير الأمن السيبراني حيوية. هذا التخصص الواعد يتطلب الحصول على شهادة خبرة مثل CrestأوCEH، قبل بدء مسارك المهني.

بالنسبة للأرباح فوظيفة خبير الأمن السيبراني تحقق في دولة كالسعودية ربحا شهريا يصل إلى 20 ألف ريال، وترتفع الأرباح بازدياد التمرس والخبرة، والكفاءة في التصدي للتهديدات السيبرانية المتزايدة.

 


 

Photo by Andrew Neel from Pexels