النقحرة Transliteration

 

تعريف النقحرة Transliteration 

“يدل المصطلح الإنجليزي ” transliteration ” على تمثيل حروف لغة ما بحروف لغة أخرى. وعند ترجمة هذا المصطلح إلى اللغة العربية حدث اختلاف كبير؛ لأن هذه العملية لم تعرف في التراث العربي إلا في حدود ضيِّقة جدًّا، ومن ثم اجتهد المترجمون المعاصرون في دلالتها ما بين “النقل الكتابي “، و”النسخ الحرفي “، و”النقل الحرفي”، وقد قام بعض اللغويين بنحت كلمة واحدة من “النقل الحرفي ” هي “النَّقْحرة”، وهو نحت طريف دار حوله جدل كبير في الأوساط اللغويَّة، واقترح بعضهم مصطلح “الإحراف” أو “التحرف”، بينما أراد بعض اللغويِّين استعارة مصطلح “المناقلة” من التراث الفقهي للدلالة على هذه العملية. (أحمد محمد الشامي: المعجم الموسوعي لمصطلحات المكتبات والمعلومات، ص 945، 1137). “

“وتحت هذا المصطلح العام يمكن أن تندرج كثيرٌ من المصطلحات الخاصَّة، فنقل الكلمات العربية إلى الحروف اللاتينية/الرومانية المستخدمة في كتابة اللغات الأوربية وغيرها يسمّى رومنةRomaniztion  أو لتننة Latinization، أما نقل الكلمات الأعجمية إلى الحروف العربية يسمّى عوربةArabization، وهو يختلف عن التعريب الذي تُغيّر فيه الكلمات الأجنبية من الناحية الصوتية والوزنية لتتفق مع الأوزان العربية” (د. مصطفى السواحلي، دراسة بحثية بعنوان: العربية في ظل فوضى النقحرة وهُجنة العربيزي،ص 6).

“ويُلجأ إلى هذه التقنية عندما لا تفي تقنيات الترجمة الأخرى بالغرض ولا تحقق الغاية المرجوة في التواصل، أي عندما لا يكون للمصطلح المنقحّر في اللغة الهدف مكافئ وظيفي ولا مكافئ لفظي معجمي، ولا يمكن شرحه في المتن ولا حذفه في أثناء الترجمة، وعلى المترجم ألّا يلجأ إلى تقنية النقحرة إلّا بعد استنفاده كل التقنيات والإمكانيات المتاحة أمامه”.

(صلاح حامد إسماعيل، قواعد الترجمة العربية والإنجليزية وتقنياتها، ص 156).

النقحرة والكرشنة؟

تختلف النقحرة عن الكرشنة في اللغة، فالكرشنة هي كتابة جمل لغة ما بحروف أبجدية أخرى لتسهيل الكتابة على لوحة مفاتيح لاتينية، وأصل الكلمة هو من كلمة كرشوني وهي الكتابة العربية بأحرف سريانية والتي اشتهرت في القرن السابع الميلادي.

ويستعمل الكثير من اللغويين المحدثين لفظة رومنة لكتابة العربية بأحرف لاتينية وهي أفصح وأوضح في الدلالة على الغاية.

وشاعت الدردشة العربية الإلكترونية في العصر الحديث، وتُستخدم فيها الأحرف والأرقام اللاتينية بدلاً من بعض أصوات الحروف العربية غير الموجودة في الأبجدية اللاتينية، فمثلاً يُستخدم رقم 3 بدلاً من حرف العين في اللغة العربية، فكلمة عربي مثلاً تُكتب بهذا الشكل:3arabi .

تاريخ قضية النقحرة وبداياتها

اجتهد اللغويون العرب والغربيون في مسألة النقحرة، وحاولوا وضع اقتراحات لهذه المشكلة وحلول، وفي العالم العربي فإن ” أول من شعر بالقضية وحاول وضع حل لما صادفه من مشكلاتها هو الفيلسوف البارع ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد ت808هـ) حيث وضع مقدمة في كيفية وضع الحروف التي ليست من لغات العرب، لأنه قد يكون لأمة من الحروف ما ليس لأمة أخرى، ولأن كتابه متضمن لكثير من أخبار البربر وأسمائهم فقد اقترح أن يرسم الكاف البربرية التي هي وسط بين الكاف والجيم بكاف لها نقطة من أسفل؛ ليقوم المتكلم بإشمام الكاف شيئاً من صوت الجيم، على نحو قراءة الإشمام في كلمة (الصراط)، وهكذا.

 811).816/ (ابن خلدون: المقدمة، 1

” لكنَّ لمحة ابن خلدون لم تجد من يستثمرها طيلة قرون عديدة، حتى بدأت تباشير النهضة في مطلع القرن العشرين الميلادي، إذ أحيا هذه القضية العلّامة اللغوي/إبراهيم اليازجي (ت1906م)” ثمّ تلاه الكثير من علماء اللغويين منذ ذلك الوقت حتى العصر الحديث.

(د. مصطفى السواحلي، دراسة بحثية بعنوان: العربية في ظل فوضى النقحرة وهُجنة العربيزي،ص 9).

أهمية النقحرة في الترجمة

رغم أن الترجمة تعنى بالشكل الأساسي بنقل المعنى من لغةٍ إلى أخرى إلّا أنه في بعض الأحيان تكون تقنية النقل الحرفي ضرورية لكمال الترجمة، ففي المجال التسويقي، على سبيل المثال، يلجأ المترجم إلى النقحرة في نقله لأسماء العلامات التجارية أو المنتجات، وذلك ليحافظ على النطق الأصلي لها في اللغة المصدر حين ينقلها إلى اللغة الهدف. كما للنقحرة أهمية كبيرة في ترجمة الوثائق الرسمية والمستندات، وذلك لحساسية نقل الأسماء بالشكل الصحيح إلى الهدف. وتبرز أهمية النقحرة أيضاً في النصوص التي يغلب عليها الطابع الثقافي كنصوص التراث الشعبي أو النصوص الأدبية التي تكثر فيها أسماء الشخصيات أو الأماكن الجغرافية، وكمثال على استخدام تقنية النقحرة في مثل تلك النصوص: ترجمة الأستاذ بليغ حمدي مطلع معلقة امرئ القيس:

 

قِـفا نبكِ من ذِكرى حَبيبٍ ومنزلِ

بسِـقطِ اللِّوى بينَ الدَّخولِ فحَوْمَلِ

Let’s halt recalling my beloved ones’ residence

and shedding tears here

Where, twixt “Dukhool” and “Hawmal”, sands pile

and make theirs clear

___________________

فتُوضِحَ فالمِقراةِ لم يَعْفُ رَسْمُها

لما نَسَجَـتْها من جَنوبٍ وشَمْالِ

Then at “Towdah” and “al-Miqrat

whose traces weren’t obliterated

Where northern and southern winds

once blew away, then fabricated

وللنقحرة أيضاً أهمية في ترجمة النصوص الدينية فمصطلح “الزكاة” على سبيل المثال عادة ما يُكتب بالإنجليزية “Zakat” أو “Zakah” عوضًا عن ترجمته حتى لا يفقد المصطلح معناه ودلالاته الإسلامية أو حتى لا يُخلط بينه وبين مصطلح آخر كالصدقة alms، ويختلف بالتأكيد في الإسلام مفهوم الزكاة عن الصدقة، فالزكاة فريضة معلومة بنسبة معلومة وتُؤدى في أوقات معلومة وليست صدقة تُؤدى في أي وقت وبأي مقدار.

ما النظام المُتبع في النقحرة؟

تعددت الأنظمة الواضعة لقواعد النقحرة واختلفت الأساليب ولذلك ظهر أكثر من نظام، ولا يوجد اتفاق موحد على كيفية تمثيل بعض الحروف العربية (مثل: ع، غ، ص، ط، ظ، ش، ح، خ، ذ، ت) بالحروف اللاتينية (كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية والهولندية وغيرها)،  ولكن ثمة إجماع أو شبه إجماع على تمثيل باقي الحروف، ومن هذه النظم:

 –  نظام المدرسة الإسبانية للمستعربينSAS ) = Spanish Arabists School ، وهو نظام قديم ظهر في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، قام عليه فريق من المستشرقين الإسبان بقيادة المؤرخ (Jose Antonio Conde 1766- 1820 ) وذلك لوضع معايير موحدة للتعامل مع الأسماء العربية، حيث تمثل الأندلس ثمانية قرون من تاريخ اسبانيا الحالية.

–  نظام الأبجديَّة الصوتيَّة الدوليَّة IPA = ) International phonetic Alphabet) ، وهو نظام أسسته الجمعية الصوتية الدولية تحت إشراف اللغوي الفرنسي  Paul Passy( 1859-1940)   ، عام 1336 م مستعينا بمجموعة من علماء الصوتيات معظمهم من الإنجليز والفرنسيين، ويعتمد في الأساس على الحروف الرومانية المعروفة، وإن كانت فيه رموز غريبة جدًّا من اليونانية وغيرها، وما يزال هذا النظام يتعرَّض لتعديلات شتى كان آخرها            عام 1116 م.

  • نظام النقل التقني العربي القياسي، Standard Arabic technical transliteration system (SATTS) ، وهو نظام قامت عليه المؤسسات العسكرية الغربية لتحويل الرسائل العربية إلى رموز تتفق مع شفرة موريس ( Morse

Code) التي بقيت أهم وسائل الاتصال لفترة طويلة، ولكنها انتهت الآن، فانقرض

معها الاعتماد على ذلك النظام.

  • قواعد المنظمة الدولية للمعايير الأيزو International Organization for Standardization، حيث اهتمت بوضع مواصفات قياسية

لعملية نقل الحروف في إصدارات متتابعة، كان أولها ISO/R 233 عام 1161 م،

ثم عدِّل عام 1132 م، ثمَّ صدرت منه نسخة أخيرة تعرف ب ISO 233-2 عام

1118 م.

  • النظام الذي أقرته الأمم المتحدة في عام 2017 لتوحيد الأسماء الجغرافية، وذلك بناء على النظام الذي اعتمده خبراء اللغة العربية في المؤتمر الذي انعقد في بيروت عام 2007.
  • مكتبة الكونغرس في عام 1997م. وهذه الأخيرة “لها مزايا متعددة، فمنها أنها تضع لكل حرف عربي ما يقابله من الحروف اللاتينية، ولا تهمل حرفاً واحداً، أما الحركات فلها حروف معينة لا تتغير، وكذلك المد بالألف، أو الواو أو الياء وهذه الطريقة عالجت أيضاً التضعيف والتنوين وتشابه الحروف وألغت الحروف الزائدة التي توضع عادة دون أي داع لها.”.

ء

،دdطŧمm
اaذżظžنn
بbرrعεهـ*h
تtزzغġوw
ثЋسsفfيy
جJشšقq-َ-a
حħصsكk-ِ-i
خќضđلl-ُ-u
للمد بالفتح

ā

للمد بالكسر

ī

للمد بالضم

ū

ال(al-) سواء كانت شمسية أو قمرية تكتب هكذا دائماً

بعض المراجع:

 

حقوق الصورة البارزة