اليوم العالمي للمعلمين العرب

 

إن تخليد اليوم العالمي للمعلمين لم يعد مجرد طقس احتفالي، نقف فيه إجلالا لمن علمنا حرفا ومحا ظلمة الجهل، بل هو إقرار جماعي بأن الرهان على منظومة تعليمية جيدة لا يمكن أن يتحقق دون الإنصات لهموم الفاعل الأساسي ومتطلباته.

تواجه كل النظم التعليمية دون استثناء تحديات السباق الحضاري، وثورة الاتصال العالمية، والتقليص من حدة الشرخ الاجتماعي، سواء بين البلدان الغنية والفقيرة، أو بين الطبقات الاجتماعية داخل كل بلد. وهي تحديات تستدعي تفكيرا جديا وحاسما في مراجعة السياسة التعليمية، وتمكين المنظومة التعليمية من الآليات والموارد الضرورية لتصبح قوة مؤثرة في المجتمع المعاصر. ومن الأولويات في هذا الصدد تجديد الاعتراف بمكانة المعلم ودوره الحيوي في المجتمع، ودعمه بالموارد المناسبة و السلطة اللازمة لأداء مهمته.

في المقابل تقع على عاتق المعلم مهمة تخطيط حياته المهنية عن طريق الاستمرار في تحسين معارفه ومهاراته، وتطويع مهاراته لتلائم الخصائص المميزة لناشئة المستقبل.

وبما أن التعليم رهان مجتمعي فإن النهوض به وتحسين مخرجاته هو مسؤولية جميع الأطراف الفاعلة في الحياة المجتمعية. مما يعني اعتماد مقاربة تشاركية لحل المشاكل التي يواجهها المعلم في الفصل، والحد من الظواهر السلبية التي تمتد داخل الفضاء المدرسي، وتؤثر على العملية التعليمية برمتها.

إن  اليوم العالمي للمعلمين مناسبة لترسيخ ثقافة الاعتراف والتثمين، والإقرار بأن مهنة التعليم تستمد نُبلها من حجم الانخراط البدني والنفسي والفكري الذي يبذله المعلم في مناخ متوتر ومتعدد الأبعاد. ولضمان التعبئة المستمرة والتجاوب المثمر فإن الجهات الوصية مطالَبة بالمزيد من تحسين صورة المدرس، وتعزيز مكانته الاعتبارية، وتأكيد الثقة فيه باعتباره عاملا مؤثرا في المسار الذي تنشده الدول لتحديث منظومتها التربوية.

احتفاء بهذا اليوم العالمي، ورغبة منها في معرفة آراء المميزين في مجال التعليم ارتأت منصة استكتب أن توجه استطلاعا حول أهم التحديات و المشاكل التي يواجهها حملة رسالة التعليم، فكانت الردود كالآتي:

الدكتور الجامعي عمر زريقات – الأردن – يرى أن أهم تحد يواجهه المعلم هو ضعف حوافز التطور، حيث يعتمد تقييم أداء المعلم على العلاقات و المحسوبية و ليس الكفاءة. إضافة إلى ضعف الحوافز المالية وعدم وجود نقابة لأعضاء هيئة التدريس، ناهيك عن ضعف مدخلات العملية التعليمية ممثلة في مستوى الطلاب .

أما بالنسبة لمعلمة الأحياء، منيرة عبد الله الهاجري من الكويت  فهي ترى أن أبرز التحديات التي تواجه المعلمين في الوطن العربي تتمثل في كثرة نصاب الحصص التي تعطى للمعلم مما يتسبب في إرهاقه والتقليل من قدرته على العطاء، ثم صعوبة التعامل مع بعض الموجهين أو المشرفين التربويين الذين لا يرغبون في التجديد، ولا يستوعبون مقترحات المعلم. دون أن ننس عدم توفر مخصصات مالية لتوفير الأدوات و الوسائل التي تساعده على تطوير أدائه.

وترى عهود الشاعري، مشرفة اللغة العربية من السعودية، أن المعلم يجد صعوبة في مواكبة المناهج المتطورة، كما أن تزامن الأعمال وكثرتها تعيق جودة الممارسة الصفية. ومن التحديات كذلك عدم سعي الأسرة لتعزيز وتحقيق ما يهدف إليه المعلم. وينضاف الاستخدام غير المنظم للتقنية والأجهزة الذكية إلى جملة الإكراهات التي تهدر الوقت والجهد. كما أن عدم نقل المادة العلمية للواقع وممارستها بصورة مستدامة تعيق تطوير ثقافة المجتمع ككل .

وأكبر مشكلة يواجهها التعليم، برأي حفيظة جيلالي معلمة اللغة العربية من الجزائر، هي المناهج المستوردة التي لا تمت بصلة لواقع المجتمع المحلي، ولا تراعي خصوصيته ولا مشاكله الاجتماعية، زيادة على تفكك الأخلاق، واتساع الهوة بين المدرس والتلاميذ، وضعف كفاءة المدرسين الجدد بسبب المعايير المعتمدة من لدن الوزارة الوصية.

ومن جهتها، ترى هبة الأصبحي من السعودية، وغسان الحلبي من سوريا ومجموعة أخرى من المعلمين والمعلمات في السعودية ومصر وسوريا وليبيا أن مشاكل الطلبة السلوكية، وتكدس الطلاب في الصفوف، وطغيان الطابع النظري على الطابع العملي والتطبيقي، هي من التحديات التي تواجه المعلم اليوم.

أما معلمة العلوم نادية الشهري ومعلمة اللغة العربية زرعة فاهمي من السعودية أيضا، تريان أن عدم وجود بيئات محفزة مناسبة مع المناهج هو من أهم التحديات بالإضافة لوجود فجوة واسعة فيما بين الأسر والمدارس.

ويتفق رأي الدكتور الجامعي حسين دقيل من مصر مع أغلب ما ذكر ويضيف إلى ظهور حالات اللامبالاة من الطلاب بالمواد المعطاة وعدم الاهتمام بمتابعة ومراجعة ما أعطي من دروس ومحاضرات هي من أهم التحديات التي يواجهها المعلم وعلى المجتمع أن يأخذها بعين الاعتبار.

أما حميد بن خيبش من المغرب فيرى أن في هذا الطقس الاحتفالي فرصة لمراجعة بعض التحديات التي تواجه معلم القرن الواحد والعشرين، وبحثِ سُبل تجاوزها للارتقاء بمنظومة التعليم ككل.

بعض هذه التحديات يندرج في خانة المشترك مع أغلب موظفي القطاعين العام و الخاص، ويتعلق الأمر بالرفع من الأجور، وتحسين المستوى المعيشي، وتعزيز الخدمات المتعلقة بالتأمين الصحي والحماية ضد الأخطار.

أما التحديات المتعلقة بمهنة التعليم فمرتبطة أساسا بتلبية الطلب المتزايد على تعليم يتسم بالجودة، والاستجابة للضغط المجتمعي في تخريج كفاءات تجد لها موقعا في سوق الشغل. مما يضاعف من المسؤولية الملقاة أمام المعلم، ويفرض عليه تجديد عدته التكوينية وطرائقه في التدريس.

أضف إلى ذلك تداعيات الفجوة التي أحدثتها التكنولوجيات الجديدة بين انتظارات الأفراد وواقع المدرسة العمومية. حيث أصبح استقرار النظم التعليمية رهينا بإدماج فعال للتكنولوجيا، وتمتيع المدرس بمزيد من الاستقلالية والمرونة.

ولا ننسى كذلك تحدي تمرير منظومة القيم والحقوق المتجددة دون التأثير على ما تفرضه رسالة المعلم من احترام وتقدير من لدن المجتمع ككل .

  حقوق الصورة البارزة