أدب الخيال العلمي

محمد حسن عبدالجواد، كاتب وروائي مصري، حاز المرتبة الأولى في مسابقة الرواية السنوية الأولى للرواية العربية، التي أطلقها موقع استكتب في شهر نوفمبر للرواية العالمي، عن روايته “جدران” والتي كان موضوعها أدب الخيال العلمي، كتب عن تجربته التي خاضها، جاء فيها:

“بعيدا ..بعيدا عن المستنقعات السياسية والاجتماعية التي أُغرق بها عالمنا العربي، يعتبر الخيال دربا من دروب الرفاهية التي لا ينظر إليها الغالب الأعم من الجمهور نظرة الجدية، ظنا منهم أن الواقعية المفرطة هي ما يجب أن يهتم بها جيل الشباب، سعيا فقط لحل مشكلاتهم اليومية، متناسين دوما أنه على الرغم من اهتمامهم بالأدب الواقعي -مع احترامي الشديد له- فلم تنته مشكلاتهم ولم تغادر الكلمات الواقعية مصاف الكلمات، ولم تترجم أبدا إلى أفعال، ولم تكن المعين لهم لمواجه العالم، بل باتت ردود أفعالهم درامية بحتة تنتمي للعالم الواقعي الباهت التي تم حشو أدمغتهم الغضة بها.

في الروايات الخيالية دوما هناك جدار وهمي صلب يفصل بين الواقع والخيال، هذا الجدار يسمح للقارئ دوما أن يعلم أن الجرعة القصصية التي يتناولها ماهي إلا خيال لا يمكن تحقيقه؛ خيال يبرز فيه اللون الأبيض والأسود فقط، الشر والخير في معناهم الأولي النقي الذي  لا يشوبه اللون الرمادي بأي حال من الأحوال، فلا يختلط الحابل بالنابل في عقول القارئ الشاب الذي لايزال يتحسس طريقة في الحياة، بانيا آراءه وردود أفعاله من هذا المحتوى الثقافي الذي تكون القصص الخيالية المثيرة هي اللاعب الرئيسي في تشكل هذا الوعي البكر، والجاذب لاهتمامه فيخرج الشاب عالما الصواب الأبيض من الخطأ الأسود لا يقبل باللون الرمادي ولا بالخيارات الأخلاقية الرمادية ولا يقبل التفريط ولا المساومة على أخلاقياته البيضاء النقية.

وعن هذا الجدار ففي رأيي، أنه قد انهار تماما في الرواية الواقعية المعاصرة والتي وجدت طريقها لعالم السينما والدراما لتصل لفئات عديدة واستخدمت لغات تخاطب دون المستوى تسمح لها بالمزيد من التوغل ذو الهدف التجاري البحت حتى وصلت إلى فئات أردنا دوما ان نصعد بها ونمحو لغتها التحاورية السلبية من قاموس عالمنا.

الاهتمام بأدب الخيال العلمي

وهذا الاهتمام بالسرد الخيالي بأنواعه في العالم الغربي في رأيي هو سبب التقدم والازدهار في فكر الشبابي في تلك البلدان.

وأخص بالذكر في حديثي هاهنا نوع الخيال الغائب بشكل شبه كلي في العالم العربي وهو الخيال العلمي بأنواعه، وخاصة ما يتناول عالم الفضاء والمستقبليات، وغياب ذاك النوع الأدبي هو سبب غياب تلك العلوم عن وعي العالم العربي وشبابه وليس العكس.

فالمتتبع يجد أن كل بداية لفكرة علمية مبهرة كانت من وعي أدب الخيال العلمي القديم، فكل ما هو خيال يتحول إلى حقيقة، والعلم هو وسيلة لتحقيق الأفكار التي تنمو في قريحة الأدباء والأمثلة في ذلك كثيرة، نذكر منها:

رائعة جول فيرن 20 الف فرسخ تحت البحر، وأول إنسان على سطح القمر ل اتش جي ويلز.

وفيهما تخيّلٌ مثير للغواصات وسفن الفضاء ما يتشابه تماما ما قد نراه في عالمنا المعاصر من تلك الآليات العملاقة التي تجوب المحيطات والفضاء الواسع، الأمر الذي يجعل المرء يتساءل عن ما قد يكون عليه المستقبل بعد الكمّ الهائل من الأفكار التي تطالعنا بشكل يومي، وزمننا الذي بات كل شيء تقريبا يمكن تحقيقه.

مشاركتي المتواضعة في المسابقة الموقرة كانت سعيا ورغبة عارمة في المساهمة في إثراء ونشر هذا اللون الأدبي في العالم العربي، لربما يوما ما تولد أفكارا جديدة تكون نواة لفعل تقدمي لجيل قادم ينمو بعيدا عن المستنقعات التي يغرق فيها عالمنا العربي.

وأتوجه بخالص الشكر والتقدير للسادة مسؤولي إدارة استكتب على اهتمامهم وحرصهم على تفعيل مثل هذه المسابقات الدورية وأدعوهم الى الاستمرار بل التكرار لتلك المسابقات في أنواع الأدب العديدة، ونحو غدٍ أفضل.”

محمد حسن عبد الجواد