المقالة الأدبية

تعريف المقالة الأدبية

 المقالة الأدبية : جنس نثري، وأحد أشكال الكتابة التي تهتم بالدعوة إلى فكرة، أو عرض قضية أو مشكلة، باعتماد أسلوب ذي خصائص أدبية. وهي اليوم الشكل المحبب لدى الأدباء، لأنها تتناسب مع روح العصر وذوقه.

يلح الكاتب المصري عباس محمود العقاد على أن المقالة ينبغي أن تُكتب على نمط المناجاة والأسمار ، وأحاديث الطريق بين الكاتب و قرائه. وأن يكون فيها لون من الثرثرة والإفضاء بالتجارب والأذواق الخاصة.

أما عمر الدسوقي في مؤلفه (نشأة النثر الحديث وتطوره)، فيشترط في تحديد أبعاد المقالة ضرورةَ التنسيق والتنظيم، حتى وإن كانت المقالة ذاتية، تعبر عن رأي الكاتب في موضوع ما. فلا يكفي أن تكون هناك خاطرة أو فكرة، بل لابد من تحقيق عنصري التنسيق و التنظيم.

والمقصود بالتنسيق و التنظيم أن يراعي الكاتب ثلاثة أمور ضرورية: وحدة الموضوع، وتلاحم الأجزاء، واستقلالها التدريجي. كما ينبغي أن يهتم أيضا بشرطي الفكر والمنطق، فهو ملزم بالتفكير قبل تناول القلم، ثم السير في موضوعه سيرا منطقيا، خاليا من الفضول والتفاصيل التي تتسبب في الإطناب وإرهاق القارئ.

ويُرجع الباحثون نشأة المقالة الأدبية الحديثة في أوروبا إلى القرن السادس عشر، على يد الكاتب الفرنسي ميشيل دي مونتين Michel de Montaigne، والذي كتب فصولا أطلق عليها اسم Essais أي “محاولات”. ثم انتقل هذا الفن إلى إنجلترا سنة 1603بظهور ترجمة إنجليزية لمحاولات مونتين، وتأثر كبار الأدباء الإنجليز بهذا الفن، وفي مقدمتهم فرنسيس باكون، فوجدت المقالة الأدبية مكانها ضمن الصحف اليومية.

وقد عرفت المكتبة العربية بدورها ألوانا أدبية لا تختلف كثيرا عن المقالة الأدبية الحديثة. ومن أهم نماذجها: رسائل الجاحظ، وأبي حيان التوحيدي، وابن المقفع وغيرهم.

خصائص المقالة الأدبية

للمقالة الأدبية خصائص تميزها عن مثيلاتها، كالمقالة العلمية والصحفية وغيرها. وأهم تلك الخصائص:

حرية تنقل الكاتب بين مصادر إلهام متعددة، كالحوادث اليومية، والمشكلات البيئية والاجتماعية، وهموم الإنسان وقضاياه، فيُبدي رأيه، ويعكس انطباعه، ويستخلص ما يشاء من المواقف والدروس.

حسن عرض الفكرة أو الخاطرة، والحديث الممتع؛ لأن جوهر المقالة الأدبية هو التعبير الوجداني لمشاهد الحياة، والقارئ بحاجة لأن يحس ويتأمل ويستمتع.

الصدق الفني في التجربة التي يكتب عنها الكاتب. ومن لوازم الصدق الفني أن يتمتع بالحس المرهف والتصوير الحي المؤثر.

الإيجاز وتجنب الإطالة وعرض التفاصيل .

أن يجمع الأسلوب المقالة الأدبية بين دقة الملاحظة، وحرارة الفكرة، وخفة الروح. فيصور الإحساس، وينقل الانفعال مبتعدا عن التقريرية.

ليست هاك حدود فاصلة بين أنواع المقالات، إنما يتم تحديد صفاتها بالسمة الغالبة عليها. فإذا كان للكاتب قلم مميز، جاز له أن يتناول المقالة الإسلامية والاجتماعية والصحفية، لكن تظل جميعها مقالة أدبية.

يمكن إذن تلخيص العناصر الأساسية التي يجب توفرها في كل مقالة أدبية، في خمسة عناصر هي:

  1.  صدق إحساس الكاتب
  2.  الأصالة بمعنى التعبير عن الذات، وتجنب التقليد
  3.  وجهة نظر جديرة بأن تصل إلى القراء.
  4.  جمال التعبير.
  5.  قوة الإثارة أو الإمتاع.

طبعا لا تتوفر هذه العناصر لدى جميع الأدباء بنسب محددة، بل يكون التفاوت والاختلاف ميزة يُحددان المكانة الأدبية لكل كاتب. وهذا يقودنا إلى الحديث عن أهم صفات كاتب المقالة الأدبية.

صفات كاتب المقالة الأدبية

– أن يكون واضحا في تفكيره، منتقيا لكلماته، حريصا على تنسيق الأفكار وجمال الأسلوب.

– أن يتمتع بإحساس عميق بصفات الأشياء و سحرها، فيلقي عليها نورا كشافا ليعزز حب الناس للحياة.

النواة الأساسية للمقالة الأدبية فكرة او خاطرة استوحاها الاديب من قراءاته او تجاربه الخاصة او مشاهداته.

– أن يدرك القوة التعبيرية للألفاظ  وتراكيبها، فيحسن استعمالها بذكاء، ويحقق بالإضافة الى معانيها العقلية ومدلولاتها المباشرة، فيضا من الصور والمشاعر الكامنة.

– أن يستخدم ألفاظا تميزه عمن سواه، وينفرد بمعالجة فنية تُحدث لدى القارئ إحساسا واثرا عقليا مميزا.

– أن يتمتع بالملاحظة الذكية، والرصد الجيد للمشاهدات اليومية ومظاهر الحياة من حوله.

–  أن يواظب على التنمية الثقافية المستمرة من خلال القراءة، بوصفها نشاطا ينبه القدرات الإبداعية.

– التناول الحر المستقل، فلا يكون الكاتب صدى لأفكار الآخرين.

– أن يُلائم بين أسلوبه وتفكير القراء، فلا يكن انشغاله فقط حول نقل خواطره وأحاسيسه، بل يجب ان يستحضر أيضا تباين طبقات القراء، ويتجنب تعبيرات لا تدركها سوى شريحة محدودة.

 

يشكل الموضوع صُلب المقالة الأدبية وهيكلها العام، ومجالاته عديدة لا حصر لها. وقد يكون الموضوع جديا يسعى من خلاله الكاتب إلى معالجة قضية أو مشكلة، وبيان أبعادها وسبل حلها، كما قد يحمل طابع الفكاهة و الدعابة، فيتناول مشكلة أو ظاهرة بطريقة ذكية لا تصدم حس القارئ، ولا تجرح مشاعره، بل تثير فيه الرغبة إلى رؤية الأمر من منظور جديد.

أما الركن الثاني في المقالة الأدبية فهو الأسلوب. أي طريقة عرض الكاتب لأفكاره وتنسيقه لها، بحيث يُفرغ أفكاره وانطباعاته في قوالب تُشعر القارئ بالقوة، وتكشف له الأحاسيس في إطار جميل وخال من التكلف.

ولكل كاتب أسلوبه الخاص، لكن تتآزر الموهبة مع المهارة وتطوير المقدرة الأدبية لتحقق التميز لكاتب دون سواه. لذا يعتبر كلوديل claudel أن الأسلوب هو نَغم شخصية الإنسان، مثلما لصوته نبرة لا تختلط بنبرة أصوات الآخرين. بل يذهب مارسيل بروست أن الأسلوب بصمات تحملها الصياغة، فتكون كالشهادة التي لا تُمحى.

كيف يحسن كاتب المقالة الأدبية التعبير عن نفسه ؟

حتى يحسن كاتب المقالة الأدبية التعبير عن نفسه، ويحقق لأسلوبه جمعا بين حرارة العاطفة والحقائق المهمة، لابد له من مراعاة ثلاث صفات هي

أولا : الوضوح، أي وضوح الفكرة و التعبير في نفس الوقت. وهذا يتطلب حسن اختيار الكلمات، والترابط المحكم الدقيق في المعنى، والاستخدام الواعي للتراكيب.

ثانيا: القوة، فيستحضر عاطفة قوية تبعث الحرارة في ألفاظه، وتعكس إيمانه بأفكاره، حتى يؤثر في قارئه، ويحمله على تبني مواقفه وآرائه.

ثالثا: الجمال، فيحقق رغبة القارئ في الاستمتاع بالنص، وتنمية ذوقه الأدبي، مستخدما في ذلك ألوان الزينة البلاغية، والحُلي التعبيرية بشكل يتلاءم مع انطباعاته النفسية.

تسمح المقالة الأدبية لكاتبها بأن يُظهر شخصيته في حالات شجونها وانفعالها، كما تعكش قدرته على تناول موضوع ما، والتفكير في عناصره وتنسيقها. لذا تقسم المقالة الأدبية إلى ذاتية وموضوعية.

من أهم سمات المقالة الذاتية أنها تبرز تجربة الكاتب وإحساسه الخاص، وهي تعتمد إلى حد كبير على الأسلوب، لأن القارئ يجد متعته في البراعة الأسلوبية، وتجلية الأفكار في صورة أدبية رائعة، بغض النظر عن صحتها من الناحية العقلية أو العملية.

في حين تركز المقالة الموضوعية على الأفكار من حيث شرحها، واعتماد عبارات سلسة تكشف معالمها. وهنا تتوارى شخصية الكاتب ومشاعره لإفساح المجال للموضوع الذي يصبح متعة القارئ الأولى.

وقد يجنح الكاتب أحيانا إلى الجمع بين الذاتية والموضوعية في مقال واحد، كما فعل العقاد في مقالة بعنوان ( شوقي في الميزان بعد خمس وعشرين سنة) والتي نشرت بمجلة الهلال سنة 1957، حيث عرض الكاتب خصائص شاعرية أحمد شوقي بموضوعية، قبل أن يُبرز ذاتيته للتقليل من تلك الشاعرية أمام نظيرتها لدى شاعر آخر هو حافظ إبراهيم.

تبقى الإشارة إلى ضرورة الحرص على اختيار عنوان جيد للمقالة، يثير اهتمام القارئ، ويشحذ توقعه ليكتشف ما وراءه. فالعنوان عتبةُ النص، والكاتب الجيد هو الذي يعكس في العنوان روحه ووجهته.

 

ومن اهم ميزات خدمات استكتب امكانية توفير خدمة كتابة مقال أدبي،

يمكنك الحصول عليها من خلال الضغط على الرابط  مقالات ومراجعات  .

 

Photo by lilartsy from Pexels