فن الأجوبة المسكتة

فن الأجوبة المسكتة ليس فناً بالمعنى المُتداول بقدر ما هو أحد تعبيرات الذكاء والفطنة في المُحادثة.

هي أجوبة تكشف ذكاء أصحابها وقدرتهم على استحضار الرد المُفحم، والجواب الحاسم الذي يملك الآخر مُجابهته!

 وجد الحَجَّاج بن يوسف على مِنبره مكتوبا: “قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار”، فكتب تحته ” قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور”.

وكان معاوية يُبرر تحكّمه في بيت مال المسلمين باستحضار قوله تعالى ” وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم” الحجرات-الآية،21- فقال له الأحنف: إنّا لا نلومك على ما في خزائن الله، ولكن على ما أنزله الله من خزائنه فجعلته في خزائنك ومنعتَه عنّا!

وتولّى يحيى بن أكثم القضاء وعمره إحدى وعشرون سنة فاستصغره الناس. ولمّا سأله أحدهم: كم سن القاضي؟ أجاب : في مثل سنّ عتاب بن أسيد لما ولاه النبي صلى الله عليه وسلم مكة!

وقال يهودي لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنتم ما دفنتم نبيكم حتى قالت الأنصار: منّا أمير ومنكم أمير! فردّ علي: وأنتم لم تجف أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم لموسى ” اجعل لنا إلها كما لهم آلهة” -الأعراف138-.

ودخل غلام على الخليفة المنصور، فلمّا سأله عن أبيه أجاب الغلام: مرض والدي رحمه الله يوم كذا، ومات رحمه الله يوم كذا، وترك رحمه الله من المال كذا. فغضب الوزير وقال: يا هذا، ألا تستحي أن تدعو لأبيك في حضرة الخليفة؟ فردّ الغلام : لا ألومك لأنك لم تعرف حلاوة الآباء!

ورأى أحد الولاة حمارا في طاحونة وفي أذنه جرس، فسأل صاحبه: لِم وضعت الجرس؟ قال : حتى إذا توقف الحمار علمتُ ذلك. قال الوالي: قد يتوقف الحمار ويُحرك رأسه فرد الرجل: أصلحك الله، وهل للحمار عقلُ الوالي؟!

هل تعرف قصصاً أخرى فيها أجوبة مسكتة، أخبرنا بها.