لقاء في استكتب مع المترجم محمد أبو ريشة

 

يسرنا أن نستضيف في برنامجنا الحواري لقاء في استكتب المترجم محمد أبو ريشة

حصل ضيفنا الكريم على درجة الماجستير في الترجمة ويعمل في هذا الميدان منذ عام 1999. عمل عضوأً في هيئة التدريس في أقسام الترجمة لعدة جامعات ومترجماً فورياً ومستشاراً لدى عدة منظمات دولية.

له عدد من المقالات والأبحاث المنشورة في المجلات المحلية والعالمية وكتباً مترجمة وشارك في الدولية منها.

ساهم في تدريب المترجمين في مجالات الترجمة ومهارات اللغة.

كل هذا غيض من فيض مسيرة معطاءة في عالم  الترجمة… فأهلا ومرحباً بك أستاذ محمد.

  • كعادتنا نأمل أن نتعرف إلى محمد أبو ريشة قبل دخوله ميدان الترجمة، بيئته، نشأته، بمن تأثر، وماهي العوامل التي أسهمت في تكوينه العلمي والثقافي؟

أنتمي لعائلة عُرِفَت بالشِّعر والأدب أبّاً عن جد. والدي رحمه الله البروفيسور يحيى أبوريشة، أستاذ الأدب الإنجليزي في عدة جامعات وهو شاعر وكاتب ومترجم في عدة لغات. من أهم أعماله كتاب الترجمة التطبيقية وترجمته لكتاب معارج القدس في مدارج معرفة النفس للإمام الغزالي وشارك في قاموس أطلس الموسوعي.

ووالدتي من عائلة تحب العلم والثقافة وخالاها الشاعران عمر أبوريشة وظافر أبوريشة. ولعل هذه البيئة هي التي جعلت كل فرد من عائلتي يميل إلى فن من الفنون. فاختار أخي الشعر بينما اخترت الترجمة والكتابة.

وفيما يخص سؤال “يمن تأثرت”، فسأسهب في ذكر الأشخاص الذين كان لهم يد بيضاء في بناء شخصية المترجم بداخلي. فقد بدأ شغفي بالترجمة عندما علمني إياها الدكتور عبد الجبار عويِّد في جامعة حلب وتأثرت بعده بسنوات بالمعارف التي علمني إياها كبار أساتذة الترجمة في الأردن البروفيسور ألبرت بطرس والبروفيسور رجائي الخانجي والبروفيسور محمد أكرم سعد الدين وغيرهم من الأساتذة.

لقيت تشجيعاً كبيراً في بداية ممارسة الترجمة من أساتذتي البروفيسور صالح السلمان والبروفيسور جهاد حمدان والبروفيسور شحدة الفارع. ومن زملائي لقيت تشجيعاً من البروفيسور عزيز حمزة والدكتور سليمان العباس وكلهم كانوا يتابعون عملي في الترجمة ويقدمون لي النصائح المفيدة والتوجيه الصحيح.

في مجال العمل في الترجمة الفورية، تأثرت بزميلتي ريما الحوراني التي تعلمت منها السرعة في الترجمة وتأثرت بأخي العزيز البروفيسور محمد راجي الزغول الذي تعلمت منه الهدوء والتحكم بطبقة الصوت.

أما في مجال تعليم الترجمة، وهذا أهم شيء، فتأثرت تأثراً كبيراً جداً بزملائي جميعاً في مجتمع الترجمة في المجمع العربي للمترجمين المحترفين، تلك الشبكة التي كان لها الفضل بعد الله تعالى في أن أتعرف إلى مجتمع المترجمين ومن خلاله تعرفت إلى جمعية الترجمة العربية وحوار الثقافات (عتيدة)، وعتيدتنا لها مكانة في قلب كل مترجم ولغوي عرفها، فيها تعلمنا وعلَّمنا والتقينا وتآلفنا ومنها انطلقنا جميعاً.

إذا كان هناك درس نتعلمه من كل ذلك فهو أنَّ الإنسان عندما تسودُّ الدنيا في وجهه وتغلق أبوابها عليه، ينظر حوله فيجد الدفء والتشجيع والأمل من أناس نسأل الله تعالى أن يجزيهم عنا كل خير.

  • متى شعرت بأن ميدان الترجمة هو المكان المناسب لك؟

كان ذلك بمحض الصدفة. كنت أميل للأدب شأني في ذلك شأن كل خريج. في عام 1995 قلت لوالدي مازحاً ما رأيك أن أنتهج طريق الترجمة؟ بدأ الأمر بمزحة لكنه تحول إلى واقع عملي.

  • من هو المترجم برأيك؟

شخص يتقن لغتين إتقاناً لغوياً تاماً ويستطيع أن ينقل الرسالة من لغة إلى لغة لتوضيح الفكرة، لكنه ليس محرراً ويحتاج إلى محرر ليساعده لتكون الترجمة سلسة في اللغة التي يترجم إليها.

  • ماهي الاختلافات بين المترجم الفوري والتتبعي والتحريري؟

الترجمة الفورية أن تسمع وتترجم في الوقت نفسه وهي أسهل أنواع الترجمات، والأصعب منها الترجمة التتابعية التي يصمت المتحدث بين حين وآخر تاركأً المجال لك للترجم وأخيراً الأكثر صعوبة هي الترجمة التحريرية التي تعني ترجمة الملفات التي تصل إلى المترجم ورقياً أو إلكترونياً.

  • ماهي الصعوبات التي تواجه المترجم الفوري؟

الصعوبات التي تواجه متعلم الترجمة الفورية كثيرة جداً. أما الصعوبات التي تواجه المترجم الفوري العامل في الميدان فهي طول ساعات العمل ولهجات المتحدثين غير الواضحة وعدم تعاون المتحدث إذ يتحدث بسرعة كبيرة دون مراعاة المترجم.

أما الترجمة الحية المباشرة (حسب خبرتي مع قنوات فضائية عدة) فالمشكلة الأساسية أنك لا تستطيع أن تخطئ لأنَّ الخطأ سيكون فاضحاً في نظر ملايين المشاهدين.

  • ماهي أول مهمة كلفت بها وكيف كانت مشاعرك حينها؟

أول مهمة كانت في الترجمة التتابعية لمحاضرات في العلوم الدينية الإسلامية لطلاب وطالبات مسلمين بريطانيين. كنت أحلم أن اترجم في المجال الديني ولم أتخيل أن تأتيني الفرصة. كانت لحظات جميلة.

  • اذكر لنا موقفا طريفا حصل معك في إحدى مهامك؟

كان أحد الأجانب يبدأ محاضرته كل يوم بطرفة أجنبية غير مضحكة في العربية.وكنت أترجم المحاضرات فورياً مع زميل لي. فتحدثت فيما بعد مع الحضور وقلت لهم إنه ضيف ويجب أن نجامله فعندما ترون أني أشير إليكم بيدي إشارة معينة فمعناها أن انتهت الطرفة واضحكوا.

وهذا ما حدث، وفي أحد الأيام لم ينتبهوا لي وكان المتحدث ينتظر ضحك الحضور، فهمست بالميكرفون لهم: “حكى نُكتِة اضحكوا مشان الله فضحتونا!” فضحكوا لكلامي وفرح المتحدث من تجاوب الحضور مع طرفته!

  • ما هي الأسس المعتمدة عند خضوع أي نص مترجم للمراجعة والتدقيق قبل إخراجه للنشور؟

الترجمة الأولى ثم التعليق الأولي ثم تصحيح الأخطاء والتعديل بناء على التعليق الأولي ثم التحرير العلمي ثم أخيراً التحرير اللغوي. بعضهم يفضل استخدام مصطلحات: 1- ضمان الجودة 2- إذا فشل اختبار ضمان الجودة ننتقل إلى ضبط الجودة 3- ثم ننتقل إلى المراجعة العلمية 4- ثم المراجعة النهائية اللغوية.

  • تعد الترجمة إعادة كتابة للنص بلغة جديدة، ما هي أهم الضوابط التي ينبغي للمترجم أن يتقيد بها لتجنب الإخلال بالمضمون ؟

كثيرة هي الضوابط. أختصر منها ما يتعلق بالترجمة الحرة والحرفية. القلم في يد المترجم كالطائر، إذا أطبق عليه يده خنقه وقتله وإذا أرخى قبضته كثيراً طار من يده. فلكل ترجمة خصوصاتها، بعضها حرفية وبعضها حرة وبعضها بين هذه وتلك.

  • باعتبار الترجمة مؤشرا على الحياة الثقافية والفكرية، ألا يعتبر العزوف عن القراءة عاملا من عوامل تراجعها في العالم العربي؟

ليس لدي أي إحصائية أو دراية عن مدى إقبال الناس في البلدان العربية على القراءة وإن كنت أرى الناس في الشارع في بلاد أوروبا وأمريكا يقرؤون كثيراً. بلا شك، القراءة هي أساس بناء القاعدة اللغوية والرصيد اللغوي لدى المترجم. والمترجم الذي لا يقرأ عليه أن يعيد النظر في وضعه أو يغير مهنته.

  • استكتب، منصة توفر إحدى أهم الخدمات في مجال صناعة المحتوى العربي، ألا وهي الترجمة. فما رأيك بها وما نصائحك لتسديد خطاها في قطاع الترجمة على وجه الخصوص؟

مرة أخرى، لست في موقف يسمح لي أن أعطي نصائح لأحد فأنا بنفسي أحتاج لنصائح حول الترجمة وغيرها. فإن كان لا بد من أن أقول شيئاً، فلعي أشدد على ضرورة أن تبتكر المنصات طريقة لاختبار المترجمين وإعلاء شأن المحترفين منهم دون محاباة لأحد. وطبعاً، كل التوفيق لكم. سدد الله على طريق الحق خطاكم.