لقاء في استكتب مع الكاتبة ميسون قصاص

كاتبة وشاعرة طفولة، هكذا تحب أن تصف نفسها، وهذا ما دأبت عليه في رحلتها مع قلمها الذي خطّ لنا أجمل الأناشيد وأكثرها تأثيرا في نفوس من سمعها.. أمي كم أهواها، أشتاق لبرك يا أمي، وطني العربي، بحار، .. أناشيد لا تزال تتردد على ألسنتنا رغم مرور الأيام بنا .. وما ذاك إلا لصدق الإحساس الذي تمازج مع الحبر الذي خطت به ميسون قصاص تلك القصائد، والعديد من أعمالها القيّمة والهادفة .

كاتبة وقاصة وشاعرة سوريّة، مجازة بالقراءات العشر عام 1996 م وعلوم مصطلح الحديث الشريف عام 2006 ، ورياض الصالحين وصحيح البخاري بين عامي 2004 و 2005، حاصلة على إجازة في اللغة الانجليزية عام 1990، نجحت وتألقت وتخطت الكثير من العقبات أبرزها تغلبها على متلازمة اضطراب حركي أقعدتها لمدة عامين في طفولتها وبقيت مستمرة إلى يومنا هذا .. قدمت محاولاتها الشعرية الأولى لكبار الكتاب المتخصصين فأجابوها بـ” اكتبي أي شيء ما عدا الشعر”، فلم تستسلم لتلك الرسالة السلبية، واجتهدت في هذا الميدان فأنتجت حوالي 300 قصيدة للطفولة..

ميسون قصاص هي ضيفة استكتب الأولى في برنامجها الحواري #لقاء_في_استكتب.

اسمحي لنا أن نعبّر لك عن مدى امتناننا وسعادتنا لأن تكوني ضيفتنا الأولى في اللقاء، والذي نرجو أن يكون حديثا من القلب للقلب، نتعرف فيه إليك عن قرب، ونتعرف إلى مسيرتك الإبداعية، نتعلم وروّاد منصة استكتب الأعزاء من مسيرتك المعطاءة في عالم الكتابة .

  • إن خير ما يتحدث به المرء عن نفسه هو حديثه هو، فبماذا تعرفين لنا ميسون قصاص؟

بداية أشكر لكم استضافتي في منصتكم العامرة .. وسعيكم أن أكون ضيفتكم الأولى فيها رغم أن هناك كثيرا من الكتاب يستحقون أن يسبقوني إلى مثل هذه الاستضافة الكريمة ..

أما ما أعرف به نفسي اليوم تحديدا فهو ما كتبته مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي :

“كيان يبحث عن انعتاق”

انعتاق من بعض قيود عديدة كبلتني _ لا سيما في غربتي _ عن تحقيق كثير مما أصبو إليه في مجال الكتابة وغيرها ، مما جعلني أستمرّ في وضع مزيد من الأحلام المؤجلة على قائمة الانتظار.. وأسأل الله أن يوفقني لأجد لها فرجا ومخرجا ..

  • كيف كانت بدايات ميسون في عالم الكتابة؟

بدأ من خلال عملي في روضة أطفال كمدرّسة موسيقا ومقدّمة مسرح دمى ..

والنّقص الكبير في الأناشيد المكتوبة باللّغة الفصحى في ذلك الوقت هو ما دفعني للكتابة.. فكنت أنتقي من بعض كتب الأناشيد (المتوفرة في المكتبات على ندرتها) وألحّن .. ثم أصبحت أكتب كلمات على ألحان معروفة وأحيانا ألحّنها .. وأذكر أنني في فترة تواجدي في الرّوضة كتبت عشرات الاناشيد التي تتعلق بالمنهج المدرسي .. ولكنها كانت كلمات أغان وليست أشعارا موزونة ..

  • لماذا تخصصت في مسار الكتابة للأطفال؟

أنا أحبّ الأطفال وتواصلي معهم ووجودي بينهم وحاجتهم إلى ما يسدّ هذه الثغرة لديهم كان دافعي الأول للكتابة لهم .. سواء في مجال الشعر وهو الّذي عرف عنّي أو في مجال كتابة القصص بعد ذلك ..

  • ما هي التحديات التي واجهتك بشكل خاص، وما هي التحديات التي تواجه الكاتب اليوم بشكل عام؟

بداية كان التحدي في عدم التّخصّص فأنا مجازة في الأدب الأنجليزي مما جعلني أتعرض لنقد قويّ أحيانا من بعض أهل الاختصاص واللغة ، لكن هذا النقد حفزني لمزيد من الاطلاع على أدب الطفل وعلى بحور الشعر التي تناسب أناشيد الأطفال ليكون ما أكتبه شعرا حقيقيا له أهميّته في الأوساط الأدبية وليس مجرد كلمات .. مع احترامي لهذه التجربة وأصحابها والذين كنت منهم .. وأحيانا أحنّ إلى هذه التجربة لأنّها تمنحني حرّية وقدرة أكبر على التّعبير لا سيما للفئات الصّغيرة جدّا من الأطفال..

أما التحدي الأكبر فكان في وجود مؤسسة تتبنى أعمالي كشاعرة وأعتقد أنني كنت محظوظة حين تبنى مركز الزهرة أول ديوان لي وكان بعنوان: ” أحبابي ” لأنضم بعد ذلك إلى كادر محطة سبيستون منذ بداية تأسيسها، وقد طورتني المحطّة في هذا المجال كثيرا .. فكتبت خلال فترة وجودي فيها معظم انتاجي الشعري .. سواء للمحطة أو لجهات إنتاجيّة أخرى ..إذ لم يكن قلمي حكرا لهم وكان هذا أمرا جيدا يحسب لهم .

والتحدي الحالي لي ككاتبة وشاعرة طفولة تحديدا هو في النشر الورقي سواء لدواوين الطفولة أو للخواطر والتأملات والمقالات والقصص القصيرة التي أجد نفسي فيها أمام الحضور الطاغي للروايات ثم للكتاب ذي الموضوع الواحد والذي تدور حوله جميع فصول الكتاب وأبوابه. ولا يحظى برفاهية نشر الخواطر والتغريدات ( والفسبكات كما أسميها) إلا المشاهير ..

وأعتقد أن  الحقّ المادي للكاتب ( سواء كاتب الأطفال أو الكاتب عموما) مغبون كثيرا في بلادنا لا سيما حين لا يموّل عمله الّذي ينشره ، ممّا يشعره بالإحباط مع كلّ تجربة نشر جديدة إذا كتب له أن ينشر ..

إضافة إلى الشّللية التي تسود مجال النشر كغيره من المجالات، وانكفاء كلّ دار نشر على عدد من الاسماء المقربة إليها واكتفائها بهم.. وليس معنى هذا أن من اكتفت بهم ليسوا جدرين بالنشر؛ لكنهم بالتأكيد  ليسوا الوحيدين الذين يستحقون أن تحظى أعمالهم بهذه الفرصة.

  • يعتقد الكثيرون أن الكتابة للأطفال أسهل بكثير من الكتابة للكبار والبالغين؛ ما رأيك؟

إذا كنا سنتعامل مع الفارق في عدد الصفحات بين أعمال الطفل والأعمال الأخرى فطبعا سنقول أن الكتابة للأطفال أسهل ..

لكن لو نظرنا إلى معايير المحتوى الّتي يجب أن نكتب على أساسها فلا شك أن معايير الكتابة للطفولة تجعلها أصعب وأخطر بكثير من الكتابة للكبار 

  • ما هو حال القلم العربي اليوم؟

أعتقد أنّنا نعايش ما سبق وأسميته سابقا “ربيع فكر” تزامن مع ربيع أردناه لبلادنا ولا زلنا – رغم الرياح التي تعصف به- ننتظر أن يزهر..  وأعتقد أن إرادة التغيير هذه وما رافقها من شعور بالانعتاق من مشاعر سلبية كثيرة وعلى رأسها الخوف كان كافيا لخلق أقلام متميزة بفكر جديد ووعي مختلف ، ولخلق إبداعات فذّة في مجالات شتى ، رغم حالة اللاقرار التي نعيشها اليوم في معظم بلادنا والاوضاع الشاذة لا سيما في سوريا.

  • هل تذكرين قصة طريفة أدت إلى إنتاج أحد أعمالك؟ ما هي؟

نعم .. مرة قررت أن أقوم بعمل ألبوم عن الروضة بشكل حر مع ملحن شاب أبدع في تلحين أناشيده، ثم تعاون مع استديو ليسجلها مع العزف  ولكن  أداء الأناشيد وتسجيلها كانا غير جيدين .. وشعرت بورطة كبيرة على كل المستويات.. فما كان مني إلا أن عرضت عملي وبكل ثقة واعتزاز بالذات على مؤسسة الزهرة التي أعمل فيها وفوجئت بقبولهم عرضي واشتروا مني العمل كاملا.. والمدهش في الأمر أنه في اليوم التالي جاءهم من يطلب عملا لرياض الأطفال بمقابل فيه ربح كبير كما أخبروني هم أنفسهم ، وتم إعادة انتاج الألبوم بنفس الألحان ولكن بأصوات مختلفة وكان رائعا .. وعلى حسب نياتكم ترزقون.

  • ما هو حق الطفل العربي اليوم على الكتّاب العرب؟

بلا شك فإنّ حقه اليوم علينا أكبر من ذي قبل ..فهناك ظروف استثنائية تتطلب أدبا طفليا استثنائيا يسعى أن يكون جزءا من خطة علاج نفسية وتربوية وقيميّة طويلة الأمد .. ولا زلت أطمح أن يكون لي سهم في ذلك .. ويجب أن لا ننسى في غمرة ذلك حق طفل المستقبل منا بعد أن يتغير واقعنا وواقع طفولتنا اليوم ، ونحن لا نقطع رجاءنا من إمكانية تغييره الى الافضل بإذن الله تعالى ..وأطفالنا اليوم هم معقد آمالنا للمستقبل الذي نرجوه لهم ولبلادهم ..

  • ما هو أكثر عمل كان الأقرب لنفسك، ولماذا؟

“أمي كم أهواها” لأنها الأنشودة الأولى التي صدرت مرئيّة بلحن مميّز على محطة مميزة استقطبت الاطفال منذ بدء انطلاقتها، وحظيت بانتشار واسع فلا يكاد أحد لم يسمعها أو يسمع بها..

ومن سلسلتي القصصية  أحب حكاية: “النملة الزاهدة” وهي تدور حول قيمة العمل كعبادة .. و “العصفورتان” وهي تدور حول قيمة حب الوطن.

  • هل صدرت دواوين لأعمالك؟

صدر في عام 1999 ديوان من جزأين باسم أحبابي وتم تلحينه في مركز الزهرة..

وآخر ديوان صدر لي كان واحة النشيد عن طريق وزارة الثقافة السورية حينها ولا زال يطبع حتى يومنا هذا ويوجد منه نسخ الكترونية في مواقع كثيرة ..

واحة النشيد - ميسون قصاص

 

  • هل لديك إطلاع على عالم العمل الحر، ما رأيك فيه؟

ليس كثيرا .. لكنني بشكل عام أراه جيدا حين يصعب أو يتعذر التواجد في عمل على أرض الواقع، لا سيما في حالات ذوي التحديات الجسديّة والمجتمعيّة ..

  • بماذا تنصحين الشباب الناشئ المهتم بأدب الأطفال والكتابة لهم؟

أن يتواصلوا مع الأطفال كثيرا، ويتعرفوا ما أمكن إلى عالمهم، فإن  كان بعضهم  لا يحبون ذلك فمن الأفضل أن يفكروا في أمر آخر غير الكتابة للأطفال.

  • هل لديك أعمال جديدة يجري العمل على صناعتها يمكن أن نخبر عنها المهتمين بالمحتوى من خلال منصة استكتب؟

حاليا يوجد تعاون بيني وبين مشروعين طفليين واعدَين، قناة كرزة للأطفال، ومشروع جنى القراءة..
هناك أعمال أنجزت وأخرى في طريقها الى النور بإذن الله ..
كذلك هناك قصص وكتب تنتظر من ينشرها بالشكل الذي أطمح إليه، وهناك فكرة لترجمة عدد من الأعمال الخاصة بي إلى اللغة الانجليزية ..
وقريبا سنفتتح بإذن الله  بصحبة فريق شبابي رائع مشروعا ثقافيا قديما تجدد بهمّة عدد من الزّملاء الكرام، يعنى بالمحتوى المسموع والمرئي ..
لن أسهب في الحديث عنه الآن، وأترك ذلك لقابل الايام ، وأرجو أنّ ما سنقدّمه من خلاله من محتوى يحكي عنه بأفضل ما يُمكن.

  • في نهاية هذا اللقاء الممتع، بماذا تنصحين استكتب؟

استكتب منصة يسيرة الاستخدام وتتميز بتخصّصها واهتمامها بالمحتوى الابداعي _ ونعرف ذلك من اسمها _ أكثر من بعض المنصّات الأخرى التي اطلعت عليها ورأيت أن خدماتها قد تعددت كثيرا، مما قد يشتت المهتمين بصناعة المحتوى وهم القسم الأكبر من مرتادي هذه المنصات.. وما أنصح به المنصّات عموما واستكتب خصوصا: حماية الحقّ المعنويّ إضافة إلى الحقّ الماديّ للكاتب.. ووضع ضوابط وآليات أخلاقية راقية للتعامل بين المستكتب والكاتب، تحترم العمل الإبداعي وأصحابه، وتمنحهم شعورا بالتقدير، وتعزز الإبداع لديهم ، وبالتالي تطوّر المحتوى الّذي تسعى أن يكون مختلفا ومتجددا ، ممّا يضمن استمرار هذا النّوع المهمّ من العمل الحرّ.

اترك تعليقاً

  1. ريحانه 28 أبريل، 2018 at 10:32 م - Reply

    الاستاذه ميسون انسانه مقدامه مساعده للجميع تسعي جاهده لبث العلم والمعرفه للجميع تشد علي ايدي من يرغب فالمعرفه
    جزاها الله خيرا قامه عربيه مشجعه نفتخر بها

  2. عبدالعزيز 5 أغسطس، 2019 at 2:45 م - Reply

    حفظك الله يأستاذتنا الغالية ربي معاك.

مقالات مشابهة