كيف تُدير بكين العلاقات مع واشنطن بعد حرب أوكرانيا ؟

تم النشر 0 تعليق 69 مشاهدة 2022-06-01 21:46:24 خدمات تصميم

كيف تُدير بكين العلاقات مع واشنطن بعد حرب أوكرانيا ؟

رفضت الصين عبر وزير خارجيتها  وانغ يي في مارس 2022أي ضغوط  خارجية أمريكيـــة عليها  في الحرب الروسية  -الأوكرانية، وذلك ردًا على تحذير الرئيس الأمريكي جو بايدن  لنظيـــره الصيني  شي جين بينج  من  عواقب  تقديم  الدعم  لروسيا وأعتبرت بكين  أن الوقت سيُثبت  أنهـا وقفت في الجانب الصحيح  بشأن الأزمة. ويدفع هذا الموقف إلى محاولة فهم كيف تدير الصين علاقتها مع الولايات المتحدة،
 في ظل الأزمة الأوكرانية، فضلاً عن إستكشاف الخطوات التي تقوم بها تحسباَ لأن تكون في الموقف الروسي نفسه بضم  تايوان.

 

رفض العقوبات

ترفض الصين العقوبات أحادية الجانب خارج الأمم المتحدة التي تم فرضها على روسيا إثر نشوب الحرب في أوكرانيا، لا سيما أن بكين تخشى أن تتعرض للأمر نفسه إذا ضمت تايوان.  في الوقت نفسه، يبدو أن بكين أستعدت مبكرًا لمواجهة سيناريو العقوبات الأجنبية، في إطار حربها التجارية مع الولايات المتحدة ؛ إذ أصدرت في عام 2021 قانونًا لحماية السيادة الصينية، ومصالحها المتعلقة بهونج كونج وشينجيانج وتايوان،
 
فضلاً عن حماية الكيانات الصينية من الأضرار الناجمة عن العقوبات، وسيتم تطبيق القانون في هونج كونج، وهو ما تحذر منه غرفة التجارة الأمريكية لما سيكون له من تأثير على تآكل إستقلالية المدينة، وإضعاف مكانتها في التجارة الدولية.

عملت الصين أيضًا على دعم النظام المالي كروس بوردر، كبديل لنظام سويفتالمالي تحسبًا لفرض عقوبات عليها . وقد لجأت روسيا لذلك النظام الصيني بعد خروجها من نظام سويفتجراء العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب الأوكرانية،
كما
حذرت الصين من إدخالها في إطار العقوبات المفروضة على روسيا لأنها ليست طرفًا في الأزمة، وأكدت أنها سترد على العقوبات الأمريكية الموجهة ضد روسيا ويمكن أن تتسبب في ضرر لبكين.  وردًا على وجود مباحثات في مجموعة العشرين حول ما إذا كان يجب استبقاء روسيا بعد غزوها لأوكرانيا؛ دافعت الصين عن موسكو، وأشارت إلى أهميتها في المجموعة، وأنه لا يحق لدولة استبعاد أخرى من العضوية، حيث يجب تطبيق تعددية حقيقية وتعزيز الوحدة والتعاون.

بموازاة رفض العقوبات، عُقدت العديد من اللقاءات الثنائية بين الصين والولايات المتحدة كان أحدها قبل تصعيد الأزمة الأوكرانية. إذ تقدمت واشنطن بطلب للصين للتدخل دبلوماسيًا لمنع روسيا من غزو أوكرانيا استنادًا لاعتبارات الصداقة بين موسكو وبكين، لكن جاء الرد الصيني -وفقًا لتقارير - بأنها لن تحاول إعاقة الخطط الروسية . وفي أعقاب الحرب،
عقدت أيضًا لقاءات أمريكية صينية في مارس 2022 لبحث ما إذا كان للصين دور في حل أزمة أوكرانيا بين روسيا والغرب، لكنه لم يسفر عن شيء في هذا الصدد.

ومن المرات التي شاركت فيها الصين كوسيط هي القضايا ذات الاهتمام المباشر،
مثل
: إستضافة المحادثات السداسية الخاصة بالبرنامج النووي لكوريا الشمالية، أو ترتيب محادثات بين الجماعات المتمردة والمجلس العسكري في ميانمار لتجنب أزمة اللجوء على الحدود بين الصين وميانمار.


تحذيرات
لواشنطن

لم تمنع الأزمة الأوكرانية الصين من تحذير الولايات المتحدة من إقامة نسخة آسيوية لحلف الناتو، واعتبرت وثيقة الإدارة الأمريكية الخاصة بالمحيطين الهندي والهادئ مشابهة لحلف الناتو في بعض الجوانب، لكنها تختلف في أنها تمتلك رؤية أكبر وأوسع قد تكون أكثر تدميرًا للمنطقة من حلف الناتو لأوروبا، وإذا تم السماح لها بالاستمرار دون رادع فستكون هناك عواقب لا يمكن تصورها قد تدفع المنطقة لحافة الهاويه بإستهدا ف احتوا ء الصين .

 

ردّت الصين على الاستراتيجية الأمريكية بالإعلان عن زيادة ميزانية الإنفاق العسكري الصيني لتصبح في المركز الثاني بعد الولايات المتحدة، فمن المقرر أن يرتفع بنسبة % 7. 1 بقيمة 230.16 مليار دولار في عام 2022  ، وذلك بزيادة طفيفة عن عام 2021 الذي كانت النسبة فيه % 6.8 . وتبتغي الصين من هذا الإعلان بعث رسالة للغرب بأنها لن تتراجع عن ضم تايوان، وفي الوقت ذاته المضي في الخطة الصينية لتحسين قدراتها العسكرية
 
كي تصبح أقوى جيش في العالم بحلول مئوية جيش التحرير الشعبي في عام 2027 ، وكذلك قوة  كبرى بحلول عام 2049 في الذكرى المئوية لجمهورية الصين الشعبية.

توسيع النفوذ

تعمل الصين  -بجانب تقوية جيشها- على التأثير في محيطها الإقليمي عبر إقامة تكتات لمواجهة التحالفات الأمريكية المضادة. ويُمكن الإشارة هنا إلى حضور الصين لأول مرة الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي الذي عُقد في باكستان في دورته ال 84 في مارس 2022 للتعبير عن مزيد من التقارب مع الدول الإسلامية. كما التقى وزير الخارجية الصيني بنظيره الهندي في الشهر نفسه، وهي الأولى لمسئول صيني رفيع المستوى إلى الهند منذ اندلاع المناوشات الحدودية بين البلدين في عام 2020 . ويعبر ذلك عن أن الصين توظف حالة تشتت الموقف الهندي تجاه الغرب في الأزمة الأوكرانية. فالهند ترى أنها لم تحقق بعد مكاسب من دخولها في الحوار الأمني الرباعي المسمى )كواد) (الولايات المتحدة، الهند، أستراليا، اليابان(  الذي نشأ لتطويق الصعود الصيني .

حذرت الصين من توسيع العلاقات الأمريكية مع تايوان، محذرة واشنطن من عواقب لن تتحملها، كما عملت على تعزيز تسليح مواقع عسكرية في بحر الصين الجنوبي وقدمت الدعم لخفر سواحلها بالقوة النارية مستفيدة من إنشغال العالم بالأزمة الأوكرانية، بما يؤكد على استمرار الصين في مساعيها الخاصة بالاستحواذ على بحر الصين الجنوبي، واعتباره بحيرة بكين، وعدم تأثير الأزمة الأوكرانية على رغبتها في تأمين مصالحها الأمنية في تلك المنطقة.

عززت الصين تواجدها الأمني في جنوب المحيط الهادئ عبر توقيع معاهدة أمنية واسعة مع جزرسليمان، مما قد يمهد الطريق أمامها لتوسيع تواجدها العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إذ تضمنت الاتفاقية مقترحًا بأن يمكن للصين -وفقًا لحاجتها وبموافقة الجزر- إجراء زيارات للسفن والقيام بعمليات تموين لوجستية والتوقف والعبور في جزر سليمان التي تشهد اضطرابات مؤخرًا، بما جعل الاتفاقية تسمح للشرطة الصينية المسلحة بالانتشار بناءً على طلب الجزر لإرساء النظام الاجتماعي. وجاء ذلك بعد إعلان الولايات المتحدة إعادة فتح سفارتها في الجزر بعد إغلاقها في عام 1993 .



المشاركة تعني الاهتمام، أظهر إعجابك وشارك المنشور مع أصدقائك.


الرجاء تسجيل الدخول للتعليق على هذا المنشور. إذا لم يكن لديك حساب، يرجى التسجيل.

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لموقع استكتب