في سابق مقالاتنا تحدثنا عن أثر وسائل التواصل الاجتماعي في تكوين الطفل وتربيته. وعرّجنا على مخاطر التكنولوجيا وما قد ينتج عن سوء استعمالها من مخاطر وآثار تعود بالسلب على شخصية الطفل وعقليته.
ولعله من أهم المواضيع التي ناقشها العامة والمتخصصون على حد سواء. ظاهرة التنمر الرقمي ومخاطره وكيفية تجنبه والحد من أضراره.
عندما يستخدم شخص الإنترنت أو وسائل التواصل الإجتماعي لمضايقة شخص آخر أو تهديده أو إحراجه، هذا ما يُطلق عليه بالتنمر على الأنترنت أو التنمّر الرقمي. وهو يشبه التنمر الذي يحدث على أرض الواقع وجها لوجه. الأساليب نفسها التي تجعل من المتنمر شخصا سيئا ومن الضحية شخصا غاضبًا أو حزينًا مفطور القلب يشعر بوصمة عار تلاحقه. بل قد تُحدث في قلبه شرخا وفي شخصيته جرحا لا يندمل إلا وقد أورث صاحبه عقدة نفسية.
من أمثلة التنمر الرقمي:
من أكبر مشكلات التنمر الرقمي أنه حتى إذا حذف المتنمر منشوره الدنيئ، فلا تزال هناك احتمالية انتشاره في مكان ما أو في حساب شخص آخر. والأسوأ من ذلك، أن ضحايا التنمر لا يعرفون غالبًا من يتنمر عليهم، أو يجلس وراء الشاشات التي تبثّ مقاطع محرجةً لهم. هذا ما يزيد الضحية إحباطًا وحزنًا إذ هو لا يملك زمام الأمر لينهي هذه المشكلة.
هناك العديد من الأسباب التي قد تجعل شخصًا ما يختار دور المتنمر عبر الإنترنت:
قد يختار أحدهم أذيّة شخص آخر بالتنمرعليه عبر الإنترنت لأنه هو شخصياً قد تعرض للتنمر في سابق عهده. فيشعر أنه من المنصف ومن العدل أن يُعامل الناس كما عامله بعضهم وأن يذيقهم من نفس الكأس المر الذي تجرّع منه. إنها الطريقة الوحيدة للإنتقام أو للتعبير عن آلامه.
قد يختار شخص ما التنمر عبر الإنترنت من أجل الشعور بالقوة والسلطة على شخص آخر. احساسًا منه أنه ذو جبروت على إنسان مثله وأن له القدرة على التحكم فيه.
الغيرة هي أحد الأسباب الشائعة للتنمّر الرقمي، خاصة عند المراهقين. إذ تكون مرحلة المراهقة مرحلة إثبات النفس ومقارنتها مع الأصدقاء وقد يشعر المراهق بعدم الثقة في مظهره. أو الشعور بالغيرة من بعض أصحابه فيلجأ إلى التنمر عبر الإنترنت وإساءة المعاملة وإلحاق الأذى بصديق ما .ما دفعه إلى هذا التصرف إلا الحسد.
مع زيادة نسب التنمّر الرقمي، أصبح هناك تأثير أعمق على ضحاياه.
تعد آثار التنمّر الرقمي أسوأ بكثير من التنمر على أرض الواقع، حيث تتسلل آثاره إلى كل جزء من حياة الضحية وتتسبب في صراعات نفسية.
يمكن أن يعاني ضحايا التنمّر الرقمي من مشاكل عاطفيةٍ وسلوكيةٍ دائمةٍ. فتسبب لهم بعض الصعوبات في حياتهم الاجتماعية، حيث تظهر لديهم مشاكل في الانسجام مع الآخرين. وأخرى تتعلق بالثقة ويكونون أكثر عرضة لتعاطي الكحول أو المخدرات في سن مبكرة.
كما أنه من الناحية الجسدية. قد يعاني ضحايا التنمر من أعراض فسيولوجية. تتمثل في صداع متكررة وآلام في المعدة ترتبط غالبًا بالعصبية وزيادة التوتر.
نتيجة شعورهم بوصمة العار و الخجل والإحراج. قد يتحولون إلى جُناةٍ في حق أنفسهم وذلك بالجرح أو إلحاق الأذى بالنفس.
يمكن أن يعاني الضحايا من التنمّر الرقمي لفترة طويلة بعد انتهائه. إذ يمكن أن يؤدي التعرض للتنمر إلى تدني احترام الذات مدةً طويلةً. وقد يسبب التعب المزمن والأرق وضعف الأداء في المدرسة أو في العمل.
أما الاكتئاب فهو عرض مألوف لدى ضحايا التنمّر الرقمي، حيث يشعرون بإحساس عام باليأس وانعدام القيمة في حياتهم.
لسوء الحظ، يمكن أن تصبح الآثار أكثر خطورة. فقد أفاد ما يقرب من 20 % من ضحايا التنمر عبر الإنترنت بأن لديهم أفكارًا انتحارية.
في الأخير، لا بد لأولياء الأمور والمربين والمعلمين والقائمين على شؤون التعليم والتربية أن يُولوا هذا الموضوع أولويّة هامّة. لما له من سلبيات محطمة وآثار مدمرة على الصحة النفسية والجسدية.
ولنا عودةٌ إلى هذا الموضوع، لنتعلّم كيف يمكننا منعه وتجنّب آثاره، خاصة على صحة أطفالنا.
المشاركة تعني الاهتمام، أظهر إعجابك وشارك المنشور مع أصدقائك.
الرجاء تسجيل الدخول للتعليق على هذا المنشور. إذا لم يكن لديك حساب، يرجى التسجيل.