تعرّف على الأصناف الثلاثة لجمهور الإنترنيت

لإنشاء جمهورك الخاص

 

من أهم تداعيات ثورة الاتصال على مجال الاقتصاد أنها أحدثت تغييرا شاملا في عالم التسويق. فلم تعد الشركات اليوم تعتمد كليا على وسائل الإعلام التقليدية للوصول إلى الجماهير، بل وجدت نفسها أمام نهج تسويقي جديد، يقوم على بناء قاعدة جماهيرية عالمية، بواسطة شبكة الانترنيت، وتطبيقاته المتنوعة، ومواقع التواصل الاجتماعي.

لم يعد الجمهور شيئا ثانويا يمكنك أن “تمتلكه” بواسطة الدعاية المدفوعة. فهو اليوم يملك زمام الأمور بفضل الانترنيت. وعلى من يرغب في نيل اهتمامه وولائه لعلامة تجارية، أو منتج، أو خدمة ما أن يسعى لاكتساب ذلك . وأن ينمي جمهوره الخاص ويوثق ارتباطه به وإنشاء علاقة عاطفية معه. فالجمهور اليوم من منظور خبراء التسويق تحول إلى أصول تجارية مربحة وطويلة المدى.

سواء كنت مقاولا أو مالكا لسلسلة مطاعم فخمة، أو موسيقيا يطمح للوصول إلى قاعدة عريضة من المعجبين، فأنت بحاجة إلى تنمية جمهورك الخاص، وبناء علاقة تفاعلية مستمرة مع المعجبين و المتابعين. هذا الأسلوب الذي يُعرف اليوم باسم “التسويق الهجين” يحقق لك ميزة كبرى في السوق وهي : جلب العملاء بضغطة زر، وبأقل تكلفة، في الوقت الذي يتقاتل منافسوك للحصول على مساحة إعلانات.

عندما تبني جمهورك الخاص، وتوثق معه علاقة قائمة على التقدير والاهتمام، فإنك تحقق ما يلي :

– الوصول إلى عملاء آخرين بتكلفة أقل.

– اعتماد المبيعات على الطلب.

– التفاعل مع العملاء كأفراد وليس كأشياء وهمية.

– توفير الميزانية المخصصة لوسائل الإعلام.

قبل أن تبني جمهورا خاصا فأنت بحاجة إلى التعرف على أصنافه في شبكة الانترنيت، وسمات كل صنف حتى يمكنك جذبه بنجاح.

ما هي إذن أصناف الجمهور الخاص ؟

يحدد خبراء التسويق ثلاثة أصناف من الجماهير الخاصة: الباحث، والمُروّج، والمُنتسب .

1- الجمهور الباحث :

يضم هذا الصنف القراء، والمتصفحين، والمشاهدين، والمستمعين. ويتميز بمطاردة يومية ساخنة للمعلومات والترفيه عبر الانترنيت. ويهمه الإشباع الفوري، لذا فهو يبدي اهتماما واضحا بكل معلومة أو منتج أو خدمة ويسهل جذبه، بل غالبا ما يبدأ هو بالتواصل معك، وتصفح مدونتك أو موقعك.

لكنه جمهور متذبذب ويمكنه أن يتركك عندما يحلو له. ومن ثَم فإن التحدي لضمه إلى جمهورك الخاص يعتمد على ثلاث خطوات:

– تحويله إلى عميل = قيمة مالية.

-تحويله إلى مُروّج = قيمة تسويقية تُوسع نطاق العلامة التجارية.

– تحويله إلى مُنتسب: يُحقق الاتصالات الفعالة دون تكلفة.

بدون هذه الخطوات سرعان ما تفقد جمهورك الباحث، ويختفي وميضه من شاشتك التسويقية.

2- الجمهور المُرَوِّج :

لا يقل حضورا عن الباحث، لكن ما يهمه هو الشعور بالتقدير لمشاركته، والبحث عن الحميمية و الشعور الدافئ.

ميزة هذا الصنف أنه، كما يصفه خبير التسويق جيفري رورز، أشبه بجدار من مكبرات الصوت. فلديه القدرة على نشر محتواك وإيصاله بسهولة إلى أشخاص قد يصعب الوصول إليهم، وبفعالية تفوق ما يمكن أن تحققه ميزانية التسويق الخاصة بمبيعاتك.

والفضل في ذلك راجع إلى أنه يملك بدوره جمهورا خاصا، ويرغب في مساعدته. فشبكة معارفه من العائلة والأصدقاء تحقق لك انتشارا فيروسيا للعلامة التجارية، وتشارك المحتوى أو الخبرة متى وكيف وأين تريد، وعبر كل القنوات الممكنة.

يشمل هذا الصنف : الدعاة، والمحللين، والمراسلين، والمؤثرين وغيرهم. لكن بقاءهم مرتبط فقط بالفترة التي يتطلبها نشر المعلومات حول علامتك التجارية. وبما أنه لا يوجد زر سحري يُجبرهم على المواصلة، فأنت بحاجة إلى تحديث مستمر للمحتوى يُغريهم بالانتماء إلى جمهورك الخاص، من قبيل : – المعلومات عن المنتج

-قصص وخبرات مع علامتك التجارية أو خدماتك

-صور

-تعقيبات نقدية

-بيانات

-مقاطع فيديو…إلخ.

يقول جاي روزن، أستاذ الصحافة بجامعة نيويورك، ” إن المروجين هم الجمهور الجديد الخبير بالتقنيات الرقمية. إنهم مستهلكون لديهم جماهيرهم الخاصة، وهم ليسوا ملزمين بتقديم الدعم لعلامتك التجارية على الإطلاق؛ ففي الواقع أنت من تقع عليه مسؤولية تقديم تجارب وخدمات ومنتجات تجعلهم يعملون لصالحك ! “

3- الجمهور المُنتسِب :

عندما تقع العلامة التجارية أو الخدمة في أزمة ما، وتسوء الأمور بشكل لا يمكن إخفاؤه، فإن الجمهور المُروّج يمكن أن يصبح سلاحا ذا حدين؛ فأية شكوى أو تعقيب سلبي يمكن أن يتحول إلى قضية، ومعلوم أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تنحاز إلى أحد، مهما اجتهد فريق العلاقات العامة في تطوير جمهور شركتك أو رواد حفلاتك الصاخبة. لذا فأنت بحاجة إلى فريق ثالث يصوغ الأحداث من وجهة نظرك، و يتبنى أطروحتك على الفور وبشكل مؤثر.

إن الجمهور “المُنتسب” هو أكثر الأصناف قيمة وأهمية. إنهم الأشخاص الذين يشترون منتجك، ويُعجَبون ويتابعون ويشتركون للحصول على المعلومات، و الأهم من ذلك أنهم يمنحونك الإذن لإرسال رسائل إليهم، والتواصل معهم على نحو فردي.

المُنتسب هو العميل، والشريك، والموظف، والمتبرع، والمستهلك. هو من يدفع الفواتير، ويحيل الآخرين إليك، ويوفر لك البيانات الشخصية التي تساعدك على تخصيص الرسائل وفقا لاحتياجاته؛ سواء تعلق الأمر بالمعلومات الديموغرافية، أو تدفق النقرات، أو عمليات البحث، أو حتى بيانات الشراء.

إن قدرتك على بناء  قاعدة من جمهور المُنتسبين، تعتمد على إيمانك بضرورة التواصل معهم بطريقة حصرية، سواء عبر التطبيقات أو العروض الخاصة، وتقديم تجربة مثمرة ومريحة لا تسبب الإحباط. ولابد من التمييز داخل هذا الصنف بين المشترك الذي يبحث عن المحتوى الملائم والمفيد، والمتوافق مع توقعاته، وبين المعجب الذي يرتبط عاطفيا بالعلامة التجارية أو الخدمة.

عندما قدمت إدارة فايسبوك زر “أعجبني” على نحو محدود سنة 2009، تم توضيح الأمر على النحو الآتي : ” لتحسين تجربتك وتعزيز الاتساق عبر الموقع، غيرنا لغة الصفحات من “كن معجبا” إلى “أعجبني”، ونعتقد أن هذا التغيير يقدم لك طريقة أكثر خفة ومعيارية للتواصل مع الناس و الأشياء، والموضوعات التي تهتم بها”.

معنى ذلك أن النقر على زر “أعجبني ” على صفحة علامتك التجارية، هو البوابة التي تلقي عليك مسؤولية تعميق العلاقة مع المعجب ليتحول إلى مستهلك. وبمرور الوقت تمنحك مناقشة خدماتك ومنتجاتك، ومشاركة النصائح وترويج القصص مع المعجبين، فرصة بناء مزيج من أقوى الجماهير.

 

إن تنمية جمهورك الخاص هي مغامرة يجب عليك أن تخوضها، لتصنع بيئة عامة تشاركك نجاحاتك وإخفاقاتك، شريطة أن يكون لدى مؤسستك أو فريقك شجاعة التعاطي مع حالات السعادة أو الامتعاض من جانب المعجبين والمروجين. وكلما كان بمقدورك تخطي الأزمات العرضية، والحرص على عدم تفضيل الأرباح على جمهورك، فإنك ستجني واحدة من أهم الفوائد غير المتوقعة وهي: امتداد عالمي لقسم خدمة العملاء !

حقوق الصورة