التسويق الفيروسي Viral Marketing

 

صار مألوفا اليوم أن تجد على بريدك الإلكتروني رسائل تتضمن وصلات إشهارية لخدمة أو منتج، دون أن تكون لك علاقة سابقة بالمرسل.

 وأن تحاول قراءة مقال أو خبر فيعترض سبيلك مقطع فيديو، يرجوك أن تمنحه دقيقة للمشاهدة.

 أما حسابك على مواقع التواصل الاجتماعي فلا يمكنك أن تدردش فيه مع صديق دون أن تداهمك عشرات، وربما مئات الإعلانات التي تتفنن في جذبك، ودعوتك لتجريب قائمة من المنتوجات و الخدمات المتجددة باستمرار.

ولعلك شعرت يوما بالضيق فقلت: ما هذه الفيروسات التي تلاحقني على الإنترنيت؟

إلا أن الأمر كما ذكرتَ بالفعل! حيث أن فلسفة التسويق وجدت في خصائص الفيروس أسلوبا فريدا لترويج العلامات التجارية، وهو الأسلوب الذي يعتمد سرعة الانتشار، وانتقال ” العدوى” من فرد إلى آخر في زمن قياسي!

تاريخ التسويق الفيروسي

في سنة 1994 أثار الناقد الإعلامي دوغلاس روشكوف الانتباه إلى الوظيفة الفيروسية للإعلانات، بعد أن تم إغراء مستخدمي الانترنيت بالحصول على مردود مادي أو معنوي، مقابل تمرير محتويات الإعلانات في محيطهم الاجتماعي.

 ولم تظهر الفائدة التسويقية بشكل واضح إلا خلال سنة 1996، حين قدم درابر وصفا مفصلا للمكاسب التي حققها موقع هوتميل، بعد أن اتبع سياسة إرفاق الرسائل الإلكترونية بعبارة:” الآن يمكنك الحصول على بريد مجاني خاص بك”. فقد تمكنت الشركة من الاستجابة لطلب إنشاء 270 ألف بريد إلكتروني جديد كل يوم، وفاق عدد المستخدمين 66 مليونا. واليوم هناك ما يزيد على 4 آلاف علامة تجارية تتنافس في تطوير أساليب التسويق الفيروسي .

لقد تخطت وسائل التواصل الاجتماعي دورها التقليدي المتمثل في التصفح والنشر وتبادل الأفكار، لتتحول إلى جزء من الاستراتيجية التسويقية، وتدفع بمنظمات الأعمال إلى تجديد آلياتها ومناهجها، ومحاولة فهم المراحل الأساسية التي يمر بها المستهلك قبل اتخاذ قرار الشراء.

والمقصود بالتسويق الفيروسي هو تلك التقنية الجديدة لتسويق المنتجات والخدمات، وضمان انتشار العلامات التجارية، بغير مقابل أو بتكاليف زهيدة. ويجري تمريرها بين الأفراد دون تدخل من الشركة المنتجة.

ومن أهم مزايا التسويق الفيروسي : قابلية التفاعل التي تسمح للمستهلك بالتعبير عن حاجاته ورغباته مباشرة للمؤسسة المنتجة، وقابلية التحديد التي تتيح لزوار موقع الشركة تقديم رغباتهم وحاجاتهم من المنتج قبل الإقدام على شرائه، إضافة إلى الكلفة الزهيدة التي لا مجال لمقارنتها مع التكلفة التقليدية للإعلانات.

أدوات التسويق الفيروسي

 بدأت فلسفة التسويق الفيروسي بسيطة بالاعتماد على أداة وحيدة هي البريد الإلكتروني. إلا أن التغيرات المستمرة لعادات المستهلك الشرائية، فرضت على الشركات تنويع أدوات التسويق الفيروسي لتشمل كذلك:

  • مواقع التواصل الاجتماعي : وهي منظومة من الشبكات التي أسهمت في إيجاد ما يصطلح عليه اليوم بالإعلام الاجتماعي أو الإعلام الجديد. فهي تسهل التفاعل النشط، ومرونة التواصل، بفضل إمكانية التعديل المستمر للمادة المنشورة.
  • المواقع الإلكترونية للشركات: حيث يعتبر الموقع الخاص بكل شركة مطوية إلكترونية، تتضمن نشرات إخبارية عن الماركات، وقواعد بيانات المؤسسة، وسبل الاتصال مع المستهلك.
  • المدونات الإلكترونية : وهي مواقع شخصية تعبر عن آراء أصحابها، لكن يجري اليوم استثمارها كمشاريع تسويقية نظرا لتعدد مفاهيم التدوين بحسب الحاجة إليه.
  • تطبيقات الهواتف الذكية: والتي ازدادت بفضلها فرص استخدام التسويق الفيروسي نظرا لاتساع حجم مالكيها. وأصبح الهاتف المحمول، عبر خدمة الرسائل القصيرة مثلا، أفضل وسيلة لنقل المحتوى الإعلاني للمستهلكين.

وجدير بالذكر أن العديد من الشركات العالمية مثل ماكدونالد وكوكاكولا قد طورت حملات إعلانية مكثفة لمزيد من الهيمنة على العادات الشرائية، حيث تعرض خدمات البحث عن أقرب مطعم، والحصول على معلومات حول الخصومات المتعلقة بقسائم الشراء، وغيرها من الخدمات التي يحتاجها المستهلك.

  • غرف المحادثة: وهي فضاءات مشتركة بين عدة أشخاص، يتم خلالها تمرير محتويات إعلانية على شكل صور أو مقاطع فيديو، أو روابط إلكترونية.
  • الرسائل الإخبارية.
  • قوائم المشترين المحتملين.

ونظرا للمزايا المتعددة التي يحققها التسويق الفيروسي، فإن معظم المواقع تحفز زوارها على مشاركة موادها ومنتجاتها بتوفير أزرار الشبكات الاجتماعية المستخدمة في هذا النموذج من التسويق مثل :Facebook، Twitter، Youtube، Digg وغيرها.

مراحل إنشاء الحملات التسويقية الفيروسية

  إذا أردنا أن نعرف ما هي الحملات التسويقية الفيروسية فإنه يمكننا وببساطة أن نعرفها بسلسلة من الإعلانات المتشابهة التي تسعى إلى الكشف عن أهداف الحملة، والفئات المستهدفة، بالإضافة إلى المنتج أو الخدمة المراد الترويج له. والغاية من ذلك هي تحليل المعطيات المتعلقة بالتسويق.

أما المراحل المتبعة في التخطيط للحملة الإعلانية فتتمثل في:

  • أولاً: دراسة السوق من خلال بيانات ومعلومات تسهر على تجميعها وكالات متخصصة ببحوث الإعلان. حيث يتطلب الإعداد الجيد لمخطط الحملة التسويقية توفير بيانات عن حجم الطلب في السوق، وحصص الشركة مقارنة بحصص المنافسين، وثالثة لها علاقة بالمستهلك، وخصائصه الديموغرافية والاجتماعية، وحتى الثقافية.
  • ثانياً: صياغة الأهداف الملائمة للحملة، واختيار الجمهور المستهدف. وفي هذا الصدد ينبغي أن تكون الأهداف دقيقة لتشكيل انطباعات ذهنية إيجابية عن المنتج أو الخدمة لدى المستهلك.
  • ثالثاً: تحديد النفقات التي تتطلبها الحملة الإعلانية، وأوجه صرفها المرتبطة بطبيعة السلعة المعلن عنها، ونوعية السوق المستهدف.
  • رابعاً: تصميم محتوى الرسالة الإعلانية. وهي خطوة حيوية في مسار الإعداد للحملة، لكونها تراهن على أفكار خلاقة ومبدعة من طرف المعلن يمكنها أن تجذب المستهلك، وتحظى بمساندته ودعمه للمنتَج.

وتطرح المنافسة القوية بين العلامات التجارية تحديا كبيرا أمام المعلنين لصياغة إعلان فعال يتسم بالإثارة وخلق الرغبة التي تدفع لاحقا إلى إحداث استجابة. لذا يتم التركيز في الغالب على جانب المشاعر الإنسانية، وتنويع أدوات التسويق بشكل يضمن وصولها لمختلف الشرائح العمرية.

  • خامساً: إجراء تقييم أولي قبل تنفيذ برنامج الحملة التسويقية، عبر اختبارات على مجموعة من المشترين الحقيقيين أو المحتملين للتنبؤ وقياس الأثر المتوقع للحملة. والهدف من هذا الإجراء هو الحفاظ على العلاقة مع زبناء المؤسسة، مع السعي للحصول على مستهلكين جدد. كما أن النتائج المتوخاة من الحملة لا ينبغي أن تقتصر فقط على العائد المادي، بل تهدف كذلك لخلق وعي لدى الزبون بقيمة ضمنية للعلامة التجارية، وكسب رضاه.
  • سادساً: تقييم نهائي للحملة لكشف مواطن الضعف والقوة، وتقييم فعاليتها بشكل موضوعي وعلمي يتضمن حساب معدل الاستجابة، وكم المبيعات، والتكلفة بالنسبة لعدد مرات التواصل مع الجمهور، وحجم الاستفسار عن المنتج أو الخدمة، ومعدل التحول من الاستفسار إلى الشراء، وغيرها..

وتؤكد فلسفة التسويق وإدارة الأعمال على أهمية أخذ التأثيرات بعيدة المدى بعين الاعتبار. فقد تبدو الحملة الإعلانية غير مربحة على المدى القصير، إلا أن تنويع أدوات التسويق، وتكرار معدلات الشراء قد يكشفان عن نتائج إيجابية في المدى البعيد.

وفيما يتعلق بالتسويق الفيروسي فإن الشركات والمؤسسات تعتمد مقاييس خاصة لمعرفة النتائج التي حققتها الحملة. أهمها النسبة المئوية لعدد النقرات على الإعلان، وعدد مرات الشراء التي حققتها رسالة فيروسية واحدة.

غير أن الأمر لا يخلو من آثار جانبية، تؤثر على النجاح المفترض لنموذج التسويق الفيروسي. وفي مقدمتها إهمال تعليقات المستهلك على المنتج، وافتقار الإعلان لخاصيات التشويق والإثارة، دون أن ننسى محدودية مخصصات الحملة ،والذي يرجع إلى ضعف ثقة بعض مدراء المؤسسات في الفعالية التسويقية لشبكات التواصل الاجتماعي.

رغم التأثير الإيجابي لنموذج التسويق الفيروسي على قرار الشراء لدى المستهلك، وضعف كلفته بالنظر للدور الحيوي الذي يقوم به ملايين المتصفحين في تمرير المحتويات الإعلانية، إلا أنه لم يحظ بعد باهتمام المؤسسات البحثية في بلادنا.

وبالنظر لما يشهده الاقتصاد العالمي من تطورات متسارعة، فإن فلسفة التسويق الفيروسي تكشف عن إضافة معرفية هامة، ستغذي بكل تأكيد حاجة المستثمر والمقاول العربي لأنشطة تسويقية رائدة، تعزز حضوره في الفضاء الرقمي.

حقوق الصورة البارزة