لمواجهة المنافسة الحادة بعد تحرير الاقتصاد، والاستجابة لشروط العولمة التي تنص على تشجيع المبادرات الفردية، أصبح تطبيق مناهج حديثة للتسويق أمرا ضروريا وحتميا. فبدون تسويق فعال، واهتمام متطور بخدمات الزبائن، يمكن أن تتعرض الشركات والمنظمات لخسائر كبيرة، تؤدي للإفلاس والخروج من السوق.

خلال السنوات القليلة الماضية، فرضت العديد من مفاهيم التسويق أهميتها كعناصر ضرورية للنجاح. ومن أمثلتها :خدمات العميل، وولاء العميل، وإدارة علاقات الزبائن التي تعرف اختصارا ب CRM.

ما معنى CRM؟

 إدارة علاقات الزبائن أو Customer Relationship Management هو منهج تسويقي حديث يعتمد في تعريفه على مدخلين:

– مدخل تكنولوجيات المعلومات: ويشير إلى عملية تخزين وتحليل البيانات التي تم الحصول من اتصالات المبيعات وخدمات الزبائن، مما يسمح بتقديم صورة واضحة ومفيدة عن سلوك العميل.

– مدخل تسويقي استراتيجي: ويقصد به نظام جذب العملاء المربحين، والاحتفاظ بهم من خلال تحليل بياناتهم وفهم احتياجاتهم للتوفيق مع نشاط المؤسسة واستراتيجيتها.

يرجع ظهور هذا المفهوم إلى ثمانينيات القرن الماضي، حين تبنت شركات كبيرة مثل Hewlet Packard و Microsoft مبادئه وافكاره. وشهد تطورا عبر مراحل بدأت بالتسويق الواسع( علاقة المنظمة بمجموعة كبيرة من الزبائن)، ثم التسويق المستهدف( علاقة المنظمة بفئة محددة من العملاء)، وصولا إلى علاقات الزبائن( أي علاقة المنظمة مع الزبون).

أهداف إدارة علاقات العملاء

أثبتت الدراسات أن كلفة الحصول عل زبائن جدد تفوق كلفة الاحتفاظ بالزبائن الحاليين. لذا أصبحت فعالية التسويق رهينة بتعميق الصلة بين المؤسسة و زبنائها لتحقيق أهداف أهمها:

– زيادة ولاء العملاء الحاليين للمؤسسة.

– تعزيز الفرص التسويقية في ظل منافسة محتدمة.

– تحقيق استقرار في المبيعات، وضمان حصص تسويقية متنامية باستمرار.

– السعي لتحقيق تقارب متزايد بين خصائص المنتجات والخدمات، وبين تفضيلات الزبائن.

– تطوير كفاءة الحملات الترويجية، لأن اختيار الزبائن الأكثر ربحية يقلل الكلفة ويضمن سرعة الوصول للأهداف التسويقية.

– جعل التفاعل مع العميل يكتسي طابعا شخصيا.

– التخطيط لجذب عملاء جدد

يمكن القول ببساطة أن CRM تعني: البحث، والحصول، والحفاظ على الزبائن. فهي مدخل جديد لتحقيق أعلى درجات التفاعل بين المنظمة والعملاء، و فهم أفضل لمتطلباتهم، وضمان فاعلية الاستراتيجية التسويقية.

أهمية إدارة علاقات العملاء

إن إدارة علاقات الزبائن استراتيجية شاملة تقوم على فهم متطلبات العميل وأولوياته، ومحاولة إشباعها من خلال تحليل بياناته، وتحقيق اتصال فعال يزيد من ربحيته وولائه. وبالتالي فهي تكتسي أهمية بالغة من حيث:

– أن التعرف على أنواع الزبائن وفهمهم يساعد المؤسسة على الحصول على ميزة تنافسية.

– أن الأبحاث خلصت إلى كون العميل يرغب في إقامة علاقة مع مؤسسة ولا يميل إلى تغيير تعاملاته.

– أن قرار الشراء الذي يتخذه العميل، كما أوضحت بحوث التسويق، يستند إلى المعلومات التي يجمعها، خاصة وأن الانترنيت أصبح مصدرا للمعلومات التي تساعد على تقييم المنافسين في السوق.

– في ظل الأزمة المالية التي مست اقتصادات العالم، صار تقليل المصروفات ضرورة حيوية. ومن خلال تبني نهج إدارة علاقات العملاء، أمكن تحقيق هذا الأمر نتيجة التوجه الصحيح نحو الزبون المربح.

محركات إدارة علاقات العملاء

تشير الإحصاءات إلى أن متوسط ما تخسره الشركات الأمريكية من زبنائها يمثل %20 كل سنة ، والسبب الرئيسي هو أنها تعرف القليل جدا عن هؤلاء الزبائن.

وفي دراسة لمجلة Harvard Business ثبت أن كلفة الحصول على زبون جديد تفوق من ست لإلى سبع مرات كلفة الحفاظ على الزبون الحالي. وهذا يعني أن المؤسسات بحاجة إلى تغيير جوهري في خطط كسب الزبائن وتوسيع قاعدة العلامة التجارية.

و لضمان التطبيق الناجح لمفهوم إدارة علاقات العملاء، يحدد خبراء التسويق خمسة عناصر أساسية يجب توافرها وهي:

1- الاستراتيجية: بأن توجه المؤسسات أنشطتها وفعاليتها في كل المستويات نحو خدمة الزبائن، والاستجابة لتفضيلاتهم في الاستهلاك.

2- الميزة التنافسية: يجب أن يتم اختيار استراتيجية تنافسية على أساس عرض تسويقي مميز عن باقي عروض المؤسسات الأخرى، وهو الأمر الذي تحققه المعطيات المستخلصة من التعامل مع الزبائن.

3- المعلومات: كل المعلومات حول الزبائن وسلوكهم الشرائي والمنتجات أو الخدمات تبقى بلا فائدة إن لم توظفها المؤسسة بشكل فعلي في صياغة استراتيجية تسويقية تلائم الواقع الذي يسعى إليه الزبون.

4- التنظيم: الطريقة التي تختارها المؤسسة لأداء أنشطتها ووظائفها تؤثر بشكل فعلي في اختيار طريقة التعامل مع الزبائن. إنه الأمر الذي يتطلب اختيار كادر مدرب جيدا على  فهم الزبون والاستجابة لتوقعاته بالسرعة الممكنة، ووضع نظام حوافز مصمم على أساس إرضاء الزبون.

5- التكنولوجيا: تزخر السوق ببرمجيات خاصة بإدارة العلاقة مع الزبون، لكن التقنية بحاجة إلى استخدام العقل البشري لتحقيق ملاءمة مع المشاعر الإنسانية، والخصوصية التي يتطلبها التعامل مع الزبون.

إجراءات تنفيذ CRM

إن المعرفة الجيدة للزبون هي نقطة البداية لتنفيذ استراتيجية إدارة علاقات العملاء.

  • لذا فالمرحلة الأولى تنصب أساسا على جمع أكبر قدر من البيانات عن الزبائن، وأهمها:

– البيانات الشخصية: كالجنس، والسن، والوظيفة.

– بيانات الاتصال: ومنها الموقع، ورقم الاتصال، وأماكن التواجد المفضلة.

– بيانات الدخل و الاستهلاك: كالقدرة الشرائية، والسلع المقتناة، ونسبة الإنفاق على السلع المنافسة.

– بيانات أخرى: كرأي الزبون في المنافسين، وسبب تعامله مع الشركة، ومقترحاته لتطوير الأداء.

والخطوة الثانية هي إنشاء مستودع للبيانات يتميز بالسهولة وسرعة الوصول إلى معطياته، ويتضمن نماذج واستمارات مناسبة، وبرمجيات مناسبة للتخزين والبحث.

  • أما المرحلة الثانية فتشمل تحليل البيانات وتبويبها،ثم تفعيل البيانات من خلال تحويلها إلى أفكار وخطط، وتصميم عروض ملائمة وتقديمها للزبائن.

خلال المرحلة الثالثة يجري التمييز بين الزبائن بحسب قيمتهم للشركة، وهم ثلاثة أصناف :

 – زبائن غير فعالين Inactive، وهم الذين توقفوا عن التعامل مع الشركة خلال ستة أشهر الماضية.

-زبائن متوقعين Prospects: وهم الذين أنشأ قسم التسويق علاقة معهم لكنهم لم يبدأوا باقتناء المنتج أو طلب الخدمة.

– باقي الأفراد Rest of the world وهي الفئة التي لا تحتاج منتجات المؤسسة أو خدماتها، لكن من المهم وضع تصور لاستهدافهم.

  • وفي المرحلة الأخير يتم التركيز على أهم الزبائن، والتفاعل معهم إما من خلال وسيط بشري كمراكز الخدمة Call Center، أو التفاعل المُؤتْمت عبر الانترنيت والأكشاك الإلكترونية مثلا.

أظهر المسح الذي أجرته غارتز غروب سنة 2005 أن %55 من مشروعات إدارة علاقات العملاء لم تحقق أية نتائج، رغم إنفاق ما يقارب 100 مليار دولار. ترتبط عوامل الفشل هنا بالأخطاء التي ينبغي تجنبها أثناء تطبيق هذا النهج، وأبرزها : عدم توافق البرمجيات مع متطلبات الشركة، فشراء أفضل البرمجيات لن يضمن كفاءة المخرجات. أما السبب الثاني فهو معارضة التغيير من طرف الموظفين والعاملين في الشركة، مما يؤثر سلبا على العلاقة مع العملاء، ويستدعي تنفيذ برامج تدريب جيدة.

 

 

Photo by Kaboompics .com from Pexels