يوما بعد يوم تشتد المنافسة بين دول العالم لطرح أكبر قدر من المحتوى الرقمي الأصلي بلغاتها على شبكة الانترنت. غير أن اللغة العربية تسجل حضورا ضعيفا بالمقارنة مع اللغات العالمية كالإنجليزية مثلا ، قبل تحديد أسباب هذ الضعف لنحدد بداية ما المقصود بالمحتوى الرقمي.

مفهوم المحتوى الرقمي

نقصد بالمحتوى الرقمي ذلك الكم الهائل من المعرفة المنظم في بنوك المعلومات، ومواقع الجامعات والمؤسسات ومراكز البحوث، والذي يتم طرحه بشكل رقمي على الحواسيب والشبكات الداخلية و الخارجية، وتخزينه خارجيا (أوف لاين) أو داخليا (أون لاين).

ومن مؤشرات قياس المحتوى الرقمي: عدد الصفحات المطروحة، وعدد المواقع، ووجود محركات بحث، ونسب الإقبال و التصفح، وعوائد الإعلانات. وهذا المحتوى يوجد بلغات العالم العديدة بحسب مستخدمي الانترنت إلا أن المحتوى الرقمي باللغة الإنجليزية يسجل حضورا كبيرا يقرب من %68. 

أنواع المحتوى الرقمي

يشمل المحتوى الرقمي كل المعلومات والمعطيات والبيانات المتاحة على شبكة الانترنت، سواء على شكل نصوص، أو مواد سمعية أو بصرية ثابتة ومتحركة، أو خدمات متنوعة، كالخدمة المرجعية الرقمية، والفهارس، ومراصد البيانات، بالإضافة إلى إمكانيات البحث المتعددة.

وتتوقف اصالة المحتوى الرقمي ومصداقيته على جملة من الشروط أهمها: دقة المعطيات وتوافر درجة من الثقة في المصادر، والمسؤولية، والتصميم الجيد أو ما يسمى بالمعايير الأرغونومية.

أهمية المحتوى الرقمي

حددت لجنة الأمم المتحدة (الإسكوا) أهمية المحتوى الرقمي في أربعة مؤشرات اقتصادية واجتماعية:

– التزايد السريع في أهمية الهواتف الذكية والانترنيت كأداة للتنمية الاقتصادية.

– المساهمة في توفير فرص شغل للشباب و الحد من نسب البطالة العالية في أغلب دول العالم.

– خلق سوق مهمة لترويج التطبيقات والبرمجيات.

– الإسهام في صناعة المحتوى الرقمي العالمي ككل.

المحتوى الرقمي العربي

المحتوى الرقمي العربي هو كل محتوى مطروح بشكل رقمي على الانترنت أو على أقراص مدمجة، أو أقراص الفيديو أو غيرها باللغة العربية، ويتضمن مواقع الانترنت والخدمات الإلكترونية، والبوابات و المحتوى السمعي والمرئي باللغة العربية، والبرمجيات المعربة وقواعد البيانات ومحركات البحث وغيرها.

يتضمن  المحتوى الرقمي العربي على شبكة الانترنت الأصناف التالية:

1- محتوى رقمي حكوم: يمثل الهيئات الرسمية ومختلف الأجهزة المتفرعة عنها والتي تتيح معلومات وأخبارا ونشاطات رسمية، كما تقدم خدمات تستفيد منها شريحة واسعة من مواطني البلد. ومن أمثلتها: موقع الويب التابعة للوزارات والمصالح الإدارة ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي.

2- محتوى رقمي إعلامي: وهو المحتوى المتخصص في توفير تغطية إخبارية مستمرة. ومن أمثلته: الصحف الإلكترونية، ومواقع الفضائيات والإذاعات.

3- محتوى رقمي تجاري: مرتبط بآليات تسويق وترويج المنتجات، وإشهار العلامات التجارية. ومن أمثلته: مواقع التجارة الإلكترونية، وخدمات البورصة والأسعار، ومواقع التسلية والترفيه التي تنشر الإعلانات التجارية بمقابل، ويمكن أن ندرج ضمنها محركات البحث التي لا تقدم محتوى وإنما فقط خدمة استرجاع المحتوى المتاح على مواقع أخرى.

4- محتوى رقمي ثقافي: ويتضمن محتوى له طابع تعليمي، يشمل المعطيات و البيانات المجردة والإحصاءات وغيرها. ومن أمثلته: مواقع الأكاديميات والمؤسسات التعليمية، ومراكز البحث العلمي، ومراكز مصادر التعلم، والمكتبات الإلكترونية.

5- محتوى رقمي تقني : يتناول كل ما له علاقة بعالم تكنولوجيات المعلومات والاتصال، والحواسيب و البرمجيات، والشركات المنتجة و المصنعة.

6- محتوى رقمي شخصي: يتضمن كل ما يعده وينتجه الأفراد بصفة شخصية. ومن أمثلته: المدونات، والمنتديات والمواقع الشخصية.

 واقع المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت

المحتوى الرقمي العربي

 بلغة الأرقام يمكن القول أن المحتوى الرقمي العربي يواصل تقدمه وانتشاره على شبكة الانترنت، رغم أن الوتيرة لا تزال ضعيفة مقارنة بلغات أخرى.

أكثر من نصف سكان الوطن العربي صار بمقدورهم الوصول إلى الانترنت بزيادة %32 عن النسبة المسجلة سنة 2012.

وتحتل اللغة العربية المرتبة الرابعة من بين اللغات العشر الأكثر استخداما على الانترنت.

ويستقبل موقع تويتر يوميا حوالي 17 مليون تغريدة باللغة العربية التي تعتبر الأسرع نموا على هذا الموقع.

لكن لا تزال الفجوة قائمة من حيث الاستخدام وكمية المحتوى الرقمي العربي. فعدد متصفحي الانترنت من المتحدثين بالعربية يبلغ حوالي %4،8 من مجمل الاستخدام العالمي. وفي مقابل عدد سكان العالم العربي الذي يقدر ب375 مليون نسمة، لا يستخدم الانترنت سوى 155 مليونا بنسبة تصل إلى حوالي %42.

وبمقارنة المحتوى العربي لموسوعة ويكبيديا مع اللغات العالمية، فإن اللغة العربية تحتل المرتبة الثالثة عشر بين 140 لغة ! 

صناعة المحتوى الرقمي العربي

هناك صعوبات عديدة تعترض تطوير المحتوى الرقمي العربي، أهمها:

– ضعف التصميم وتعهد المواقع بالصيانة والتحديث المستمر. فجمالية التصميم عامل أساسي في زيادة الإقبال والاستخدام، بالإضافة إلى عنصر الذكاء فيما يتعلق بسهولة الوصول للمحتويات، وتنسيقها بطريقة تيسر عمليات البحث.

– ضعف المحتوى المنشور، حيث أن المستخدم يبحث عن محتوى غني يلبي احتياجاته المعرفية، ويكون مكتوبا بلغة سليمة خالية من الأخطاء اللغوية والإملائية، لأن ذلك يسبب إضرارا بعمليات الاستخدام.

– عدم الاهتمام بآليات البحث والوصول إلى المعلومة. حيث ان عمليات البحث و الاستخدام تتطلب أدوات تُمكن المستخدم من تحقيق غايته، كثبات عناوين الموقع وتجنب تغييرها باستمرار، ودقة المصادر الإلكترونية.

– تحدي تحقيق الربح، فبينما تقوم وكالات الإعلان بنقل منشوراتها غير الرقمية إلى الانترنت، يواجه مزودو المحتوى صعوبات تتعلق بتوليد ربح من خلال الإعلانات.

– القرصنة وإهدار حقوق الملكية و النشر. وفي بيئة كهذه يصعب على مزودي المحتوى تحديد ما هو مسموح به قانونيا على مستوى كل بلد، وبالتالي تكون فرص التوسع و النمو محدودة.

– نقص الموهبة والخبرة: ويتعلق الأمر بضعف تأهيل الشباب في مجال الإعلام الرقمي وإنتاج المحتوى الجيد باللغة العربية، وغياب خطة لدى المستثمرين تسمح بالوصول للمواهب المحلية، مما يتسبب في نقص الجودة. وتفيد الإحصائيات في هذا الصدد أن %48 من الشباب العربي عبّر عن عدم رضاه على محتوى المواقع المحلية.

كيفية النهوض بالمحتوى الرقمي العربي ؟

خلال السنوات القليلة الماضية تزايد اهتمام أصحاب القرار بإثراء المحتوى الرقمي العربي على المستويين الوطني والإقليمي. كما جرى التأكيد عل ضرورة وضع سياسات لتحفيز التنوع الثقافي واللغوي على شبكة الانترنت لسد الفجوة الرقمية، خاصة في المناطق النائية.

ويظهر الاهتمام من خلال بعض المبادرات والبرامج التي تشرف عليها وزارات الثقافة في البلدان العربية لترقيم المحتوى التراثي العربي، وازدياد القناعة بالترجمة كمدخل حيوي لتعزيز المحتوى الرمي العربي.

مشروع الإسكوا

من أهم المشاريع في هذه الصدد نجد: مشروع “الإسكوا” لدعم صناعة المحتوى الرقمي العربي من خلال الحاضنات التكنولوجية. ويهدف المشروع، الذي تم تنفيذ مرحلته الأولى في أزيد من عشر دول عربية ما بين عامي 2007و2014، إلى دعم رواد الأعمال لإنشاء شركات أعمال في هذا المجال، وتوفير فرص عمل للشباب.

من بين المتعاونين مع الإسكوا في هذا الصدد، مبادرة “تغريدات Taghreedat” لإثراء المحتوى العربي، وهي مبادرة تطوعية تحفز الجماهير على المشاركة في تنفيذ مشاريع محددة .

مبادرة “بالعربي”

انطلقت في ديسمبر 2013 بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية. وهي مبادرة شبابية لطلبة الجامعات بدولة الإمارات العربية، تسعى إلى زيادة التعرض للمواقع والتطبيقات التي تدعم اللغة العربية، والتشجيع على استخدامها خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي، والرفع من ردود الأفعال باستخدام النسخ العربية من المواقع ورصد الأخطاء.

“عرفني شكرا”

منصة رقمية مصرية، تسعى إلى إصدار أزيد من 150 ألف مقال للإجابة على الأسئلة الشائعة حول القيام بعدد من الأمور المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والسيارات والرعاية الشخصية وغيرها. وتتميز المنصة بسهولة الاستخدام على كافة الأجهزة الرقمية.

 


 

Photo by Mati Mango from Pexels

Photo by Kaboompics .com from Pexels