بالتأكيد أنك سمعت بمصطلح “العمل الحر” أو بالإنجليزية وهو الأكثر رواجاً “Freelancing”، وربما حاولت التعرّف على المقصود به أو أوضح لك هذا الصديق أو ذاك بعض المعلومات عنه، البعض يشجعك عليه والبعض الآخر ينفّرك منه، لكن في عصرنا الحالي الذي أصبح العمل الحر فيه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد العالمي، أصبح من الضروري التعرف على معنى العمل الحر، ما هو؟ ما هي الإيجابيات والسلبيات في العمل الحر؟ ولأي حد أصبح ينافس العمل الثابت؟

من خلال هذا المقال، تقدم لك منصة اسـتكتب أهم المعلومات التي تحتاج إلى التعرف عليها فيما يخص عالم العمل الحر.

باختصار.. ما هو العمل الحر (Freelancing) ؟

العمل الحر Freelancing (بشكل عام) هو عمل صاحب المهنة مع الأفراد أو المؤسسات لإنجاز مهام أو مشاريع دون التقيّد بعقود عمل طويلة الأجل، مما يسمح له باختيار الجهة التي يعمل لحسابها والتنقل بين الجهات من وقت لآخر بحرية ودون قيود.

أما العمل الحر عبر الإنترنت (العمل عن بعد) وهو ما سنركز عليه، فهو اعتماد مستقل (Freelancer) صاحب مهنة (مصمم أو مبرمج أو كاتب محتوى ..الخ) الإنترنت لإنجاز المهام والمشاريع لشركات أو أفراد وتسليمها واستلام أجورها عن بعد ودون الحاجة للارتباط بعقود طويلة الأجل أو التواجد ميدانياً داخل الشركات/المؤسسات.

كيف يحصُل المستقل على تلك الوظائف؟

عادة ما يبدأ المستقلون مشوارهم في عالم العمل الحر عبر الإنترنت من خلال إنشاء عضويات في منصات العمل الحر – وهي منصات تعمل كوسيط بين المستقل وصاحب العمل -، حيث يضيف المستقل تفاصيل توضح مجال عمله وطبيعة خبرته فيه وكذلك بعض النماذج التي أنجزها سابقاً، وعندما يطرح صاحب عمل مهمة أو مشروع بغرض اختيار احد المستقلين لإنجازها، يتقدم المستقل بعرض عمل لصاحب العمل يوضح من خلاله مؤهلاته وخبراته التي تؤهله للظفر بها، إضافة للسعر والمدة الزمنية.

 فرص العمل عن بعد عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي

فرص عمل عن بعدتغير مفهوم وسائل التواصل الاجتماعي من منصات أنشئت بالأساس لربط الناس ببعضهم البعض وتكوين الصداقات والعلاقات الإنسانية إلى منصات فرضت فيها التجارة والعمل والمصالح التجارية نفسها بقوة.
لقد أصبحت هذه المنصات مكانا للحصول على فرص عمل وتطوير العلامات التجارية وتحقيق دخل مادي بشكل مستمر.

 العثور على فرص العمل في أي مجال وفي أي دولة بالعالم

منذ وقت طويل ساعدت الإنترنت الملايين من الناس في التوظيف، وساهم في ذلك المواقع التي تنشر إعلانات التوظيف إلى جانب محركات البحث مثل جوجل التي توفر الوصول إليها.
لكن مع الشبكات الإجتماعية تطور العثور على فرص العمل والتوظيف بشمل عام، حيث يستغل الناس حساباتهم الشخصية من أجل استعراض مهاراتهم في عمل معين والتسويق لأنفسهم من خلال أعمالهم ونشر السير الذاتية الخاصة بهم.
وفي هذا الصدد نجد أن لينكدإن جاءت لتشكل شبكة إجتماعية متخصصة في ربط أصحاب الأعمال بالموظفين، حيث توفر عرض السيرة الذاتية الخاصة بالموظف أو العامل في مجال معين لكافة زوار صفحته الشخصية، بمن فيهم أصحاب الأعمال المهتمين بتوظيفه.
وبالإنتقال إلى فيس بوك نجد أنه يزخر بمجموعات التوظيف والصفحات العامة التي تطرح فرص العمل المتاحة، كما أضافت عملاقة الشبكات الإجتماعية قسم “الوظائف” للصفحات العامة الخاصة بالشركات والمشاريع من أجل عرض الوظائف الشاغرة لديها.

• فرص عمل في مجال تسويق الصفحات الإجتماعية

سواء بالعمل مع شركة متخصصة في التسويق أو كعامل حر من منزلك، توفر لك الشبكات الإجتماعية فرص عمل كثيرة ومتجددة في مجال إدارة الصفحات الإجتماعية للشركات والمؤسسات والمواقع.
وفي هذا الصدد تعمل على تكبير الصفحات وزيادة جمهور الصفحة والتفاعل، من خلال إدارة المحتوى وجدولة المنشورات والتركيز على المواضيع الرائجة واستخدام الإعلانات.
وتحتاج الشركات وأصحاب المواقع عادة إلى متخصصين لديهم القدرة على تطوير وضع صفحاتهم من ناحية التفاعل والشعبية وبالتالي كسب الزيارات لمواقعها والمبيعات لمنتجاتها وخدماتها.

• فرص عمل للمدونين وصناع المحتوى

سمحت الشبكات الإجتماعية للمواقع بجلب زيارات أكبر والتوقف عن الاعتماد على جوجل لوحده، كما وفرت هذه المنصات لصناع المحتوى والمتخصصين في صناعة الويب بمعرفة توجهات الرأي العام واستغلالها من خلال إطلاق مشاريع المواقع الإخبارية ومواقع المحتوى وتوظيف المدونين والمحررين وصناع المحتوى المكتوب والمرئي والسمعي.

كما أن الكثير من المدونين يستخدمون الشبكات الإجتماعية للتسويق لأعمالهم وخدماتهم في مجال الكتابة، ما يساعدهم في الحصول على عملاء جدد وزيادة المبيعات.
إن كنت ممن يقدمون خدماتهم على استكتب يجب أن تسوق لها على فيس بوك و تويتر و جوجل بلس وبقية المنصات للحصول على عملاء جدد، فليس من الحكمة أن تنتظر الطلبات دون التسويق لخدماتك.

وإن كنت بحاجة لمن يقوم بإدارة محتوى شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بأعمالك، يمكن أن تجد العديد من المختصين بهذه الخدمات في استكتب أيضا.

• فرص التسويق كثيرة على مواقع التواصل الإجتماعي

لقد استخدمت الكثير من الشركات الناشئة وسائل التواصل الإجتماعي لزيادة حجم جمهورها والوصول إلى الفئات المستهدفة، ما زاد من الطلب على خدماتها ومنتجاتها ودفعها لتوظيف المزيد من الأشخاص، إذ تعتبر نتيجة غير مباشرة من استغلال التسويق على الشبكات الإجتماعية.
من جهة أخرى يمكن لمسوق إلكتروني استخدام هذه المنصات في التسويق لمنتجات الشركات والحصول على عمولة من كل مبيعة تتحقق عن طريقه، وهناك الكثير من الشباب الذين تخلصوا من شبح البطالة إلى العمل كمسوقين من خلال اعتمادهم على هذه المنصات في عملهم.
الأمر الذي يدفع ببعض هؤلاء المسوقين إلى إنشاء – في وقت لاحق من بدء عملهم- فرق عمل لمسايرة ازدهار أعمالهم وتكبيرها أكثر، وهو ما يعني المزيد من فرص العمل لأشخاص آخرين.

ما هي مميزات العمل الحر عبر الإنترنت (العمل عن بعد)؟

للعمل الحر مميزات وإيجابيات كثيرة، تجعل منه خياراً أمثلاً للكثيرين، يختار المستكتب أهمها:

  • العمل من المنزل

فالمستقل لا يحتاج إلى التوجه يومياً للشركة والتقيّد بمواعيد حضور ومغادرة والالتزام بالتواجد على مكتب، فكل ما يحتاجه هو جهاز حاسوب واتصال بالإنترنت لإنجاز وإرسال المهام والمشاريع لأصحاب الأعمال.

  • حرية الموافقة أو رفض العمل

فليس هناك من يفرض عليك التقدم بعرض للحصول على العمل، ولا توجد سلطة عليا تجبرك على إتمام مهام لست مؤهلاً لها أو إنها فوق طاقتك. يمكنك اختيار ما يناسبك من أعمال تتوافق مع مهاراتك ومؤهلاتك وأوقات فراغك وكذلك السعر الذي يناسبك.

  • انخفاض تكاليف التشغيل

فعندما تُقرر افتتاح شركة أو مركز صغير لتقديم خدماتك للعملاء في منطقتك، فستكون بحاجة لرأس مال ربما لا تستطيع توفيره، بينما تكون تكاليف العمل عن بعد منخفضة بل شبه معدومة (الجميع لديه حاسوب واتصال بالإنترنت) وكل ما تحتاجه هو مهاراتك وخبراتك لا أكثر.

  • البيئة الآمنة

يُجادل البعض بأن العمل الحر عبر الإنترنت قد لا يكون آمناً، وهذا مُعتقد خاطئ كلياً، بل قد تكون بيئة العمل الحر أكثر أماناً من العمل لدى شركات القطاع الخاص التي قد تتعرض للإفلاس او تمارس الاحتيال بشكل أو بآخر تجاه موظفيها، حيث توفر منصات العمل عن بعد بيئة آمنة للمستقل وصاحب العمل على حد سواء، تتمثل عادة بمراقبة كل صفقة عمل يتم التوافق عليها بين الطرفين، ويتم احتجاز دفعة من المبلغ المتفق عليه لدى حافظة المنصة كلما أنجز المستقل جزءاً من المشروع (Milestone)، وعند حدوث أي نزاع بين الطرفين، تتدخل المنصة لفض النزاع من خلال لوائح وبروتوكولات مُحددة مسبقاً وبعد الاطلاع على كافة تفاصيل الصفقة.

  • العوائد المالية المرتفعة

فكلما عملت أكثر زادت أرباحك بشكل أكبر، و نظراً للظروف الحالية التي تمر بها بلداننا العربية من فقر وارتفاع غير مسبوق في نسب البطالة، تدنت الأجور للموظفين مع ندرة الوظائف، مما يجعل العائد المالي للعمل الحر أكبر بكثير من معظم الوظائف المتاحة في سوق العمل المحلي (في حال توفرت من الأساس).

 لماذا لا يتجه الجميع للعمل الحر؟

توجد بعض السلبيات البسيطة عند اختيار العمل الحر (العمل عن بعد) بالنسبة للبعض نظراً لطبيعتهم النفسية والاجتماعية التي تتطلب وظائفاً اعتيادية، فمثلاً تجدهم لا يرغبون بالعمل في المنزل لكونهم أشخاصاً اجتماعيين بدرجة كبيرة، أو تكون شخصيتهم ميالة للحركة المستمرة وبيئات العمل التي تتطلب حركة وتواجداً ميدانياً مستمراً. كذلك فقد يدفع قلق البعض وبحثهم عن الأمان الوظيفي للقبول بأي وظيفة مقابل ضمان استمراريتها وهو ما يعتقدون أنه غير موجود في عالم العمل الحر.
والحقيقة – وليس انحيازاً للعمل الحر – فحتى تلك السلبيات قد لا تُعد سلبيات من الأساس بالنسبة للشريحة العظمى من أصحاب المهن، فيمكن للمستقل إنجاز مهامه ومشاريعه ثم ممارسة نشاطاته الاجتماعية بحرية، بل وجعلها أكثر ترفيهاً لكونها ستخلو من الضغوط والأعمال. كذلك فإنه بمجرد أن يُصبح للمستقل ملف شخصي مميز مليء بالأعمال والخبرات، فإنه لن يجد أدنى صعوبة في العثور على أصحاب أعمال جدد كل يوم، مما سيوفر له حد أدنى ثابت من العائد المادي.

ما هو حجم انتشار العمل الحر (العمل عن بعد)؟

لنأخذ الولايات المتحدة الأمريكية كنموذج، مع التذكير بكون اقتصادها أقوى بمراحل من أي اقتصاد لأي دولة عربية. يُشكل المستقلون (Freelancers) هناك ما نسبته 34% من قطاع العمل الكلي، أي أكثر من 53 مليون شخص، وقد صرّح 80% من العاملين في وظائف اعتيادية بأنهم يرغبون العمل كمستقلين لرفع مستوى دخلهم، كما أكد 77% منهم أنهم يتوقعون سيطرة قطاع العمل الحر وريادته في المستقبل القريب [1]، لذا تعد هذه الوظيفة من ضمن أفضل 10 وظائف في المستقبل.

أخيراً.. كيف أحدد إذا ما كنت مؤهلاً للعمل الحر أم لا؟

الجميع مؤهل للعمل الحر طالما كان لديه مهارة في تخصص أو مجال ما، يتردد الكثيرون في الدخول إلى عالم العمل الحر لقلقهم من عدد المستقلين المنافسين أصحاب الخبرة الكبيرة، ولكن من المعلوم أن كل بداية تحتاج لجهد إضافي، فعلى المستقل التقدم للوظائف المعروضة على المنصات بأسعار بسيطة في البداية لتجهيز سيرة ذاتية تحوي خبرات ونماذج تؤهله للتقدم بأسعار عالية في المستقبل. إذن، أنت مؤهل للعمل الحر طالما أن لديك الرغبة والالتزام وتنوي التقيد بمواعيد وجودة تسليم المشاريع التي ستحصل عليها، وبإرداتك وصبرك حتما ستصل إلى عميلك الأول من العمل الحر.

 

مصـادر https://benrmatthews.com/freelance-statistics/

حقوق الصور البارزة