رغم أنه قادم جديد إلى البيئة الاتصالية الرقمية، إلا أن التدوين الصوتي استطاع أن يُثبت حضوره وأهميته كمورد رقمي على شبكة الانترنيت، ويجذب أنظار الفاعلين الأساسيين في عالم الميديا. كما هيأ للهواة والمنتجين المستقلين فرصة ولوج عالم البث الرقمي، بأدوات بسيطة ومحفزة، والأهم من ذلك أنها عابرة لكل الحدود !

 

تدوين صوتي بودكاست

تدوين صوتي بودكاست

ما هو التدوين الصوتي؟ 

تشير كلمة بودكاست أو ” تدوين صوتي ” إلى إحدى تقنيات المحتوى السمعي الرقمي التي تعتمد على إنتاج ملفات صوتية، يمكن نشرها عزلى الويب، وتشغيلها بواسطة الحاسوب أو الجهاز المحمول، أو باستعمال مشغلات الصوت الرقمية.
وكان الصحفي بِن هامرسلي أول من استخدم كلمة بودكاست في مقالة له بجريدة الغارديان البريطانية، ليوضح أهمية المزج بين الصوت والتدوين في تجربة عالمية ستتجاوز الأسلوب التقليدي للبث الإذاعي.
وكلمة “بودكاست” تتكون من شقين : الأول ipod ويعني مُشغل الصوت الرقمي، و الثاني مستوحى من البث الإذاعي broadcasting.

وهذه التقنية تسمح بإنشاء ملفات صوتية ومرئية، يتم تخزينها في قواعد بيانات على شبكة الانترنيت، وتكون قابلة للاستماع، والمشاهدة، والتحميل.
وفي مقال للكاتب و المحاضر الإيطالي تيزانو بونيني عرّف التدوين الصوتي بأنه التقنية المستخدمة لإنتاج وتوزيع و تلقي المحتوى الصوتي، سواء المعد من طرف الإذاعة، و شركات الإنتاج، والصحفيين ،أو حتى الأشخاص المستقلين والهواة.
ورغم أن أول ترخيص بث باعتماد تلقيم ملفات MP3 تحقق سنة 2003، إلا أن مصطلح تدوين صوتي لم يظهر سوى عام 2004، ولتبدأ معه بوادر تغير ثقافي في علاقة الجمهور بوسائل الإعلام؛ حيث أصبح البودكاست حالة رقمية تعكس السعي نحو دمقرطة الخطاب الإعلامي، من خلال المزاوجة بين التدوين، والعمل الصحفي والإذاعي، والانفتاح على القضايا المسكوت عنها اجتماعيا، خاصة تلك المتعلقة بالشباب.
يميز تيزانو بونيني بين مرحلتين في تاريخ التدوين الصوتي:
مرحلة حضانة شهدت إنتاج ملفات صوتية من لدن هواة، وكان الهدف منها هو تسهيل الولوج إلى محتوى معرفي محدد، كالذي تُعده المؤسسات التربوية والدينية، والجمعيات الثقافية. وأغلب الملفات الصوتية آنذاك تكشف عن نقص واضح في أساليب العرض، وجهل بالإمكانات التواصلية التي يتيحها كل تدوين صوتي.
– المرحلة الثانية بدأت منذ سنة 2012 في الولايات المتحدة، تزامنا مع إعطاء الانطلاق للنماذج الاقتصادية الداعمة للإنتاج المستقل، والتي استشعر القائمون عليها مدى جاذبية التدوين الصوتي في قطاعات التسويق بين الشركات، والإمكانات التي يتيحها للوصول إلى أكبر شريحة من الزبناء من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.

ما هي أهمية التدوين الصوتي؟

الميزة الاولى: يقول جيفري رورز في كتابه(الجمهور): ” بدلا من الحاجة إلى الحصول على وظيفة في محطة إذاعية للوصول إلى الجماهير، يمكنك فعليا أن تسجل برنامجا في مرآبك الخاص، وتوزعه على ملايين المستمعين عبر آي تيونز.” وهو بذلك يشير إلى أولى نقاط قوة التدوين الصوتي، والمتمثلة في الوصول الفوري إلى كل أنحاء العالم.

إلا أن الأمر يتطلب شروطا خاصة تتحول بموجبها المدونة الصوتية إلى قناة نشطة وهي:
– قدرتك على إنتاج محتوى صوتي قيّم وعالي الجودة.
– تنشره وفقا لجدول زمني ثابت
– يخدم احتياجات المستمعين
– الذين لديهم الوقت والرغبة في تحمليه والاستماع إليه.
 الميزة الثانية: تتعلق بالتكاليف التي أصبحت اليوم في متناول أي شخص يرغب في إنتاج تدوين صوتي. فبالاعتماد على جهاز حاسوب، وبرامج المونتاج الصوتية المتوفرة على الإنترنيت، اتسعت قاعدة البودكاست لتضم الملايين من هواة البث الرقمي المستقل.
الميزة الثالثة: فهي التحرر من أنظمة وقواعد الخدمة الإذاعية، ومتطلبات الحصول عليها. وهو الشيء الذي سمح للتدوين الصوتي في العالم العربي على سبيل المثال أن يقدم محتوى يتسم بالعمق و الجرأة، في مقابل السطحية التي يتناول من خلالها الإعلام مجمل القضايا المحلية.
كل تدوين صوتي هو بمثابة فضاء للإبداع، وتقديم محتوى يكسر الأنماط المتعارف عليها. فعلى سبيل المثال يمكن لأي مدون مهتم بالعلوم و التكنولوجيا أن يطرح بودكاست يمزج فيه أداءه بالعفوية و روح الدعابة؛ في حين لا تسمح القواعد الصارمة للبث الإذاعي أو التلفزي بأداء مشابه.
ويشكل عامل الزمن أيضا ميزة إضافية يحققها التدوين الصوتي، فالملفات متاحة في كل وقت، وغير مقيدة بجدول معين. كما أن المدون غير ملزم بسقف زمني أثناء إعداد محتوى. وبالتالي فإحدى أسباب جاذبية التدوين الصوتي متعلقة أساسا بمرونة السقف الزمني، عكس ما تفرضه حلقات الإذاعة أو البرامج التلفزية. وهو ما يساهم بشكل كبير في استقطاب اهتمامات الجمهور الرقمي.

فوائد التدوين الصوتي

تدوين الصوتي

يهيء التدوين الصوتي فرصا كبيرة لتسويق المنتجات، والاستفادة من التجارة الإلكترونية. فهو يتمتع بسهولة الوصول إلى شريحة كبيرة من العملاء، وإكساب العلامة التجارية أسباب انتماء قوية تسهم في زيادة المبيعات، وجذب عملاء محتملين. ويؤكد موقع شركة ميدرول Midroll، أن %61 من المستمعين لملفات تدوين صوتي، أجروا عمليات شراء لمنتجات وخدمات جرى الإعلان عنها عبر تلك الحلقات.
يتيح التدوين الصوتي أيضا فرصة الولوج إلى عالم القراءة و الكتب. وضمان خلفية معرفية وثقافية بالنسبة لمن يشعرون بعزوف عن القراءة وتصفح الكتب و المجلات. وتشكل مدونة “بودكاست. س” التي أطلقتها مؤسسة عبد الحميد شومان، نموذجا للتدوين الصوتي الذي يلقي الضوء على عالم الكتب و المكتبات، ويُعرّف بالشخصيات الأدبية بأسلوب تفاعلي.
إن إطلالة سريعة على تطبيق “بودكاست” الذي طورته شركة آبل، تكشف عن مئات النماذج الهائلة من التدوين الصوتي، و التي تتطرق لمختلف القضايا و الاهتمامات الإنسانية مثل الأدب والسياسة والمجتمع والرياضة والفن والسياحة وغيرها . وهذا يدل على التجربة الفريدة التي تجمع بين المتعة والخفة على العديد من اهم  مواقع البودكاست ، والتعبير عن ميول جمهور واسع لا يخفي ضجره المستمر من وسائل الإعلام التقليدية.


ومن ميزات خدمات استكتب امكانية توفيرخدمة كتابة محتوى بودكاست، يمكنك الحصول عليها من خلال الضغط على الرابط كتابة محتوى بودكاست

حقوق الصورة  1  2 3